التربية الاسلامية: اليسـر ورفـع الحرج للحذع المشترك

التربية الاسلامية: اليسـر ورفـع الحرج

جميع الجذوع المشتركة

مدخل تمهيدي:

لَمْ يثبت فِي تَارِيخ البشرية لدين من الأديان سَوَاء الوضعية أإو السماوية مِنْهَا أن صمد قرونا طويلة وجمع حشودا لَا تحصى من البشر عَلَى اختلاف أعراقهم وألوانهم وطبقاتهم كالإسلام، ذَلِكَ أن من خصائصه الَّتِي بوأته هَذِهِ المكانة اليسر ورفع الحرج، ومراعاة طاقات المكلفين.

  • فما هُوَ هَذَا اليسر ورفع الحرج؟
  • وما مكانته فِي الشريعة الإسلامية مستندا إِلَى وقائع ملموسة من الحياة التعبدية والمعاملاتية للمكلفين؟

النصوص المؤطرة للدرس:

قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿… يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَ لَاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾. [سورة البقرة، الآية: 185]

قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿… وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ …﴾. [سورة الحج، الآية: 78]

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «… فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ». [أخرجه مسلم]

دراسة النصوص وقراءتها:

I – توثيق النصوص والتعريف بِهَا:

1 – التعريف بسورة البقرة:

سورة البقرة: مدنية، عدد آياتها 286 آية، وَهِيَ السورة الثَّـانِيَة من حَيْتُ الترتيب فِي المصحف الشريف، وَهِيَ أول سورة نزلت بالمدينة المنورة، سميت بِهَذَا الاسم إحياء لمعجزة زمن موسى عَلَيْهِ السلام، حَيْتُ قتل شخص من بني إسرائيل وَلَمْ يعرفوا قاتله، فعرضوا الأمر عل موسى لعله يعرف القاتل، فأوحى الله إِلَيْهِ أن يأمرهم بذبح بقرة، وَأَن يضربوا الميت بجزء مِنْهَا فيحيا بإذن الله ويخبرهم عَنْ القاتل، وتكون برهانا عَلَى قدرة الله جل وعلا فِي إحياء الخلق بعد الموت، سورة البقرة من السور المدنية الَّتِي تعني بجانب التشريع، شَأْنِهَا كشأن سائر السور المدنية الَّتِي تعالج النظم والقوانين التشريعية الَّتِي يحتاج إِلَيْهَا المسلمون فِي حياتهم.

2 – التعريف بأبي هريرة:

أبو هريرة: هُوَ عبد الرّحمن بن صخر الدوسي، ولد فِي مدينة الحجاز فِي عام 19 قبل الهجرة، كَانَ اسمه عبد شمس أبو الأسود فِي الجاهلية، اعتنق الإسلام بَيْنَمَا كَانَ يبلغ مِنْ العُمْرِ 16 عاما، وَقَد سماه الرسول ﷺ عامراً، لُقّب بأبي هريرة، أسلم أبو هريرة وشهد غزوة خيبر مَعَ الرسول ﷺ، كَمَا صحبه حوالي أربع سنوات، ويعد معجزة من معجزات النبوة، لِهَذَا كَانَ من أكثر الصحابة روايةً للحديث، كَانَ تقيّاً ورعاً، لَمْ يكن يرد الإساءة بالإساءة، تُوَفِي أبو هريرة بعد الرسول ﷺ بــ 47 عاما، حَيْتُ أخذ الله أمانته فِي عام 57 هـ، وَقَد كَانَ يبلغ مِنْ العُمْرِ مَا يقارب 78 عاما.

3 – التعريف بالإمام مسلم:

الإمام مسلم: هُوَ الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري القشري، أحد أئمة الحديث، ولد عام 206 هـ وتوفي سنة 261هــ، وضع عدة كتب فِي الفقه والحديث، اشتهر بكتابه «الصحيح».

II – فهم النصوص:

1 – مدلولات الألفاظ والعبارات:

  • العسر: المشقة غير المستطاعة.
  • تكملوا العدة: المقصود عدة أيام الصيام فِي شهر رمضان.
  • الحرج: الضيق والتكليف بِمَا لَا يطاق.
  • شهيدا: رقيبا عَلَى احترام مبدأ الوسطية فِي الأقوال والأفعال.
  • لتكبروا الله: لتحمدوا الله وتثنوا عَلَيْهِ.

2 – المضامين الأساسية للنصوص:

  • الدواعي والدلائل الشرعية المؤسسة لمبدأ اليسر فِي الشريعة الإسلامية.
  • مجالات تَطْبِيق مبدأ اليسر فِي الشريعة الإسلامية تَشْمَلُ العبادات والمعاملات.
  • الخطاب وَالتَعْلِيم والسلوك قنوات لترسيخ مبدأ اليسر ورفع الحرج فِي شخصية المسلم.

تحليل محاور الدرس ومناقشتها:

I – مفهوم اليسر ورفع الحرج:

اليسر ورفع الحرج: مبدأ إسلامي أصيل فِي القرآن والسنة، فاليسر: هُوَ السهولة والرفق والاعتدال، وَهُوَ ضد العسر والحرج، أَمَّا الحرج: فهو المشقة والتعب الَّذِي ينال الإنسان عِنْدَ قيامه بحكم من الأحكام الشرعية سَوَاء فِي العبادات الروحية أَوْ المعاملات المدنية أَوْ التصرفات الشخصية أَوْ العقوبات الجزائية …، ولقد حث الإسلام عَلَى قاعدة اليسر والترخيص عِنْدَ الحاجة، قَالَ ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ، كَمَا يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى عَزَائِمُهُ»، والعزيمة أصل التكليف، أَمَّا الرخصة فتعتبر حالة استثنائية، وبالرخصة يصبح الممنوع جائزا فعله، والواجب جائر تركه كلما دَعَتْ إِلَى ذَلِكَ فعل المخطور وترك المأمور بِهِ.

II – دواعي اليسر ورفع الحرج فِي الإسلام:

  • خلق الله الإنسان للاستخلاف فِي الأرض، وهذا يقتضي تعدد المهام والواجبات من عبادة وكسب رزق واهتمام بالرعية …، ولذلك كَانَ الصحابة يرون الرجل يبالغ فِي العبادة فيدعونه إِلَى التخفيف، إما لِأَنَّ ملل النفس مدعاة للتفريط، أَوْ لكي لَا تتداخل الواجبات بعضها فِي بَعْضِ.
  • مراعاة الضرورات والحاجات والأعذار الَّتِي تنزل بالناس، فقدرتها حق قدرها وشرعت لَهَا أحكاما استثنائية تناسبها وِفْقًا لاتجاه الشريعة العام فِي التيسير عَلَى الخلق ورفع الأغلال الَّتِي كَانَت عَلَيْهِمْ فِي الشرائع السابقة، كَمَا قَالَ تعالى عَنْ رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وسلم واصفا إياه فِي الكتب السماوية السابقة: ﴿يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ﴾.

III – مجالات تَطْبِيق اليسر:

كَانَ رسول الله ﷺ يرسم منهج اليسر فِي العبادات والمعاملات مَعًا:

  • فِي العبادات: من رحمة الله بخلقه أَنَّهُ خفض لَهُمْ عدد الصلوات من خمسين إِلَى خمس صلوات مفروضات فِي الليل والنهار، وجعل رمضان شهرا واحد فِي السنة، والحج مرة واحدة فِي العمر، ولمن استطاع إِلَيْهِ سبيلا ماديا أَوْ معنويا أَوْ هُمَا مَعًا، وجعل الحسنة بعشر أمثالها إِلَى سبعمائة ضعف والله يضاعف لمن يشاء، والسيئة بمثلها وَمِنْ لَمْ يفعلها كتبت لَهُ حسنة، بَلْ إن الحسنات يذهبن السيئات، وَمِنْ نماذج التيسير مَا رواه أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَاَ أَكَادُ أُدْرِكُ الصَّ لَاَةَ مِمَّا يُطَوِّلُ بِنَا فُ لَاَنٌ، فَمَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَوْعِظَةٍ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْ يَوْمِئِذٍ، فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ مُنَفِّرُونَ، فَمَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ فِيهِمُ المَرِيضَ، وَالضَّعِيفَ، وَذَا الحَاجَةِ».
  • فِي المعاملات: يسر الله عَلَى خلقه التَعَامُل والتعايش بينهم لإشاعة التآلف والمحبة والسلم بينهم، قَالَ رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وسلم: «رَحِمَ اللَّهُ عَبْدًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ سَمْحًا إِذَا اشْتَرَى سَمْحًا إِذَا اقْتَضَى».

IV – قنوات تَطْبِيق اليسر:

كَانَ النبي صلى الله عَلَيْهِ وسلم أحسن الناس خلقا بَلْ وَكَانَ خلقه القرآن، والقرآن مَا كَانَ يشهر أَوْ يجرح بَلْ كَانَ يكتفي بالتلميح والإشارة، لذلك كَانَ النبي ﷺ فِي خطابه شديد الحرص عَلَى احترام الغير وإيصال المعنى بأجود وأحكم العبارات، كقوله فِي الحديث الشريف معلقا عَلَى أقوام عزموا المبالغة فِي العبادة بحرمان أَنْفُسَهُمْ من شهوات الدنيا: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَقُولُونَ كَذَا وَكَذَا …»، ويأمر باللين وبالحلم فِي الكلام وتجنب الغضب، ورتب عَلَى ذَلِكَ أجرا عظيما، وَقَالَ هليه الصلاة والسلام أيضًا: «مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْفِذَهُ، دَعَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رُؤوسِ الْخَ لَاَئِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ اللَّهُ مِنَ الْحُورِ مَا شَاء».

.

عَنْ الموقع

ان www.men-gov.com مِنَصَّة مُسْتَقِلَّة شاملة وحديثة تواكب كل مواضيع التدريس والتوجيه وَالتَعْلِيم وَكَذَا اعلانات الوظائف بالمغرب,وَتَضَمَّنَ كذلك مجموعة من الخدمات والوسائل التعليمية التربوية الَّتِي تبسط وتشرح الأشياء الَّتِي يحتاجها التلميذ والطالب و الأستاذ والمدير والباحث عَنْ فرص الشغل سَوَاء كت تابعة لمؤسسات الدولة اوغير تابعة لَهَا ، وَتَجْدُرُ الاشارة إِلَى ان هَذِهِ المنصة لَا تمت باي صلة لِوِزَارَةِ التربية الوَطَنِية والتَّكْوين المهني وَالبَحْث العلمي واي مؤسسة وطنية اخرى.
يستفيد سنويا من منصتنا أكثر من 25 مليون زائر وزائرة من جميع الفئات العمرية .
تمَّ الحرص فِي men-gov.com عَلَى 4 توابت اساسية :
ـ جودة المضامين المنشورة وصحتها فِي الموقع
ـ سلاسة تصفح الموقع والتنظيم الجيد مِنْ أَجْلِ الحصول عَلَى المعلومة دون عناء البحث
ـ التحديث المستمر للمضامين المنشورة ومواكبة جديد التطورات الَّتِي تطرأ عَلَى المنظومة التربوية
ـ اضافة ميزات وخدمات تعليمية متجددة
لمدة 3 سنوات قدمنا اكثر من 50000 مقالة وازيد من 200 ألف مِلَفّ مِنْ أَجْلِ تطوير دائم لمنصتنا يتناسب وتطلعاتكم, والقادم أجمل إن شاء الله.
⇐ المنصة من برمجة وتطوير men-gov.com وصيانة DesertiGO
⇐ يمكنك متابعتنا عَلَى وسائل التواصل الاجتماعي ليصلك جديدنا: اضغط هُنَا

À propos du site

men-gov.com est une plate-forme indépendante complète et moderne qui suit le rythme de tous les sujets d’enseignement, d’orientation et d’éducation, ainsi que des offres d’emploi au Maroc, et comprend également un ensemble de services et de méthodes éducatives qui simplifient et expliquent les choses qui répondent aux besoins de l’étudiant, du professeur, du directeur et du chercheur d’emploi, privé ou public, Il est à noter que cette plateforme n’est pas reliée au ministère de l’Éducation nationale, et de la Formation professionnelle et de la Recherche scientifique, et à tout autre institution.
Chaque année, notre plateforme profite à plus de 25 millions de visiteurs de tous âges.
Sur men-gov.com, nous avons pris en charge 4 principes:
Qualité et exactitude du contenu publié sur le site
Navigation fluide du site et bonne organisation afin d’obtenir des informations sans prendre la peine de chercher
Mise à jour continue du contenu publié et se tenir au courant des nouveaux développements du système éducatif
Ajout de fonctionnalités et de services éducatifs renouvelables
Depuis 3 ans, nous avons fourni plus de 50 000 articles et plus de 00 000 fichiers pour un développement permanent de notre plateforme qui correspond à vos aspirations, et le suivant est plus beau, si Dieu le veut.
⇐ Plateforme développée par DesertiGO et maintenue par men-gov.com
⇐ Vous pouvez nous suivre sur les réseaux sociaux pour recevoir nos actualités: cliquez ici multi-positivisite

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *