المنهج البنيوي: نص تطبيقي: الأنساق والبنية لكمال أبو ديب
المنهج البنيوي: نص تطبيقي: الأنساق والبنية لكمال أبو ديب
الثَّـانِيَة باك آداب وعلوم إنسانية
إشكالية النص وفرضيات القراءة :
قراءة النص، باعتباره نظاما لَهُ قواعده الخَاصَّة، تعني أن النص نسق لغوي يَتَكَوَّنُ من عناصر جزئية، تنتظم بقوانين وعلاقات داخلية، إِنَّهُ بنية مُسْتَقِلَّة عَنْ عوامل إنتاجها الخارجية. أَوْ هُوَ كينونة مكتملة متفاعلة عبر زمان لَا يتحدد باستمرار عوامل ولدتها .
من هُنَا تستمد القراءة أدواتها ومفاهيمها من اللسانيات الَّتِي كَانَت منطلقا لكثير من المقاربات (الشكلانية، الأسلوبية، الشعرية، السيميائيات ..) الَّتِي يجمعها قاسم مشترك، اصطلح عَلَى تسميته بالقراءة البنيوية، الَّتِي تركز فِي دراسة النص الأدبي عَلَى مستويات متعددة، مِنْهَا : المُسْتَوَى الصوتي والمستوى الصرفي ، والمستوى المعجمي ، والمستوى النحوي / التركيبي والمستوى الدلالي والتداولي. والنص الَّذِي بَيْنَ أيدينا لكمال أبو ديب، يهتم بدراسة البنية الإيقاعية والصور الشعرية من منظور بنيوي .
” الأنساق ” جمع نسق، وَهُوَ بنية كلية منظمة مكونة من عناصر متضافرة لَا يمكن تعريفها إلَّا فِي ضوء علاقتها ببعضها البعض حَسَبَ موقعها دَاخِل الكل. و” البنية ” : نظام من التحولات، لَهُ قوانينه الخَاصَّة من حَيْتُ هُوَ نظام قائم، يزداد ثراء بفضل الدور الَّذِي تقوم بِهِ تِلْكَ التحولات، دُونَ أَنْ تؤدي إِلَى الخروج عَنْ حدود النظام، أَوْ تستعين بعناصر أُخْرَى خارجية. وَلَا بد أن تتسم أية بنية بخصائص الكلية والتحولات والتنظيم الذاتي . إن “البنية كيان مستقل من الارتباطات الداخلية ” حَسَبَ (يامسليف)
فِي الفقرة ألأولى من النص مشيرات مرتبطة بعلم اللغة (جملة ـ فعل ـ التكرارات ـ جملة الشرط ـ الأداة ـ فعل الشرط ..)
تحيلنا عَلَى أن القصيدة تؤكد الثبات حَتَّى فِي سياق الحركة، وَأَن نسق بنية النص فاعلية تثبُّتٍ وتصلُّبٍ وكبحٍ للحركة .
مِنْ خِلَالِ المشيرات نفترض أن النص يدور حول ماهية نسق قصيدة أدونيس بَيْنَ الثبات والتحول، وَأَن المنهج لموظف فِي تحليلها هُوَ المنهج البنيوي .
الفهـــــــــــم:
النص عبارة عَنْ قراءة لبنية قصيدة أدونيس وحركتها المتنامية فِي سيرورة ثنائية ضدية، وَمِنْ ثُمَّ فالقراءة تراهن عَلَى تحليل القصيدة مِنْ خِلَالِ مستوياتها التركيبية والدلالية .. وَفِي الوقت الَّذِي تؤكد فِيهِ جملة الشرط الإمكانية الإيجابية (الرجوع)، فَإِنَّها تعمق نفي هَذِهِ الإمكانية؛ فَإِذَا كَانَ رجوع أوديس ممكنا نظريا، إلَّا أن رجوعه عاجز عَنْ تَغْيير أي شيء، إن جملة الشرط، باعتبارها محكومة بالأداة “حَتَّى”، تؤكد (الثبات) عَلَى حال واحدة غير متغيرة .
وتؤكد هَذِهِ العلاقة جملة من الثنائيات الضدية القائمة عَلَى منطق التعارض، هِيَ : (الزمان ≠ المكان) ؛ (الأرض ≠ الماء) ؛(ميعاد ≠ مَعاد) . ـ وَمِنْ خِلَالَ هَذِهِ الثنائيات تَتَجَلَّى رؤيا القصيدة ( التأكيد عَلَى الثبات وانتفاء الحركة نابعان من انتفاء العلاقات بالماضي والمستقبل زمنيا ومكانيا )
التحليـــــــل :
1 ـ المفاهيم والقضايا :
يمكن تصنيف مصطلحات النص إِلَى حقلين اصطلاحيين، هُمَا :
ـ حقل الحركة : ترحيل، للحركة، فعل الحركة، يتحول ..
ـ حقل الثبات : الثبات، لَا متغيرة، تعميق الثبات، السكونية، انتفاء التغيير والزمنية، تظل، تَأْكِيد السكونية، لَا يمكن إخضاعه للتغيير، ثباتا، يستند الإنسان إِلَيْهِ مسمرا إياه، كبح الحركة، معزولة عَنْ الماضي، ثابتة، ثبات البنى التركيبية ..
ـ هيمنة المصطلحات الدالة عَلَى الثبات، وهذا ينسجم مَعَ رؤيا القصيدة الجوهرية. والعلاقة بَيْنَ الحقلين هِيَ علاقة لتعارض؛ لِأَنَّ الثبات نفي للحركة نظرا لانتفاء العلاقات بالماضي والمستقبل زمكانيا . وَقَد وظف الناقد مصطلحات نقدية تنتمي إِلَى حقل اللسانيات، مِنْهَا : (جملة، فعل، الأداة، التكرارات، النسق، البنية) ناهيك عَنْ بعض المفاهيم الأخرى جلاها النص كالاختلاف (الزمان / المكان)؛(الأرض / الماء)؛(بديلين متضادين)، واعتمد الوصف فِي قراءته للقصيدة وَلَيْسَ التفسير، وتعامل مَعَ القصيدة كبنية مُسْتَقِلَّة عَنْ أي عامل خارجي، اجتماعي أَوْ نفسي. وَأَبْرَزَ “الحقيقة الجوهرية لجملة الشرط كَمَا تبلورت عَلَى كل مُسْتَوَى من مستويات بنية القصيدة” تركيبيا (جملة)، وثنائيات دلالية تقوم عَلَى التضاد، ورؤية وصورة ” صورة الأرض الراسخة ” (الفقرة لأخيرة) وبناء ” وهكذا تنقلب القصيدة لغويا ليصبح وسطها جوابا لبدايتها ونهايتها” . من هُنَا فالنسق المتحكم فِي بنية القصيدة هُوَ “الثبات ونفي الحركة، ولعل وظيفته تَتَمَثَلُ فِي تحقيق رؤيا القصيدة، فيصبح بِذَلِكَ عنصرا دلاليا فِي البنية .
2 ـ الإطار المرجعي :
استند الناقد إِلَى عَدَدُُ مِنَ المرجعيات، مِنْهَا :
ـ المعرفة اللسانية المنطقية ( سوسير، الشكلانيون، حلقة براغ، البنيوية)
مادة الأدب هِيَ اللغة، من هُنَا استمدت هَذِهِ القراءة مفاهيمها من المعرفة اللسانية بفروعها المختلفة، وَالَّتِي تميزت بدراسة اللغة فِي ذاتها باعتبارها نسقا ؛ ونظاما عناصره الأساس هِيَ : الصوت ، المعجم ، التركيب … ؛ وبكونها أداة للتواصل ؛ وبوصف النظام اللغوي بَعِيدًا عَنْ كل معيارية قَد تأتي من الدين أَوْ الفلسفة أَوْ الأخلاق ( اللسانيات تحلل الجملة بَيْنَمَا النقد يحلل الخطاب ) .
ـ علم الدلالة البنيوي : حَيْتُ ركز عَلَى دراسة عناصر الجملة لاستخراج البنية الناظمة للعلاقات الرابطة بَيْنَ عناصر ومستويات القصيدة، تركيبا وبنية ودلالة.
ـ علم الأدب : الَّذِي يبحث فِي أدبية النص استلهاما للشكلانيين الروس وحلقة براغ فِي عقلنة الدراسة الأدبية والكشف عَنْ مقومات شعرية النص.
ـ النحو القديم : ويتجلى فِي دراسة بنية جملة الشرط وربطها بِبَاقِي البنى الدلالية الكاشفة عَنْ النسق والبنية المتحكمة فِي النص .
فمن هَذِهِ الحقول المعرفية استمد الناقد جملة المفاهيم الموظفة إجرائيا فِي تحليل قصيدة أدونيس، فدرس لغتها فِي ذاتها باعتبارها نسسقا يَتَكَوَّنُ من مجموعة عناصر ( تركيبية، دلالية، تصورية، “صورة الأرض الَّتِي لَا ميعاد وَلَا معاد لَهَا”)
3 ـ طرائق العرض :
ـ الاستشهاد ببعض مكونات قصيدة أدونيس لإثبات وجود بنية وأنساقا متحكمة فِيهَا، وَأَن هَذِهِ البنية هِيَ الثبات واللاحركة. وهذا الاستشهاد يقترن بوسائل استدلال عديدة مثل : الوصف وعدم التناقض والتقسيم والاستقصاء والانطلاق من مسلمات معينة، كحقائق علم اللسانيات … وَكُل هَذِهِ العناصر تدخل فِي إِطَارِ بنية حجاجية تَشْمَلُ طرح القضية والمحاجة والاستدلال لَهَا عَنْ طَرِيقِ أسلوب الاستقراء الَّذِي انطلق فِيهِ الناقد من الجزء (الجملة) إِلَى الكل (حكم عام يؤكد فِيهِ صِّحَة منطلقه، يتمثل فِي بنية الثبات فِي القصيدة كلها).
التركيب ووالتقويم:
قصد الكاتب إثبات فعالية المنهج البنيوي فِي الكشف عَنْ الأنساق والبنية الناظمة للأثر الأدبي، وهذه الأنساق والبنية ذات طبيعة لسانية، غير ثقافية أواجتماعية.. فالنص عبارة عَنْ قراءة لبنية قصيدة أدونيس وحركتها المتنامية فِي سيرورة ثنائية ضدية، من تمَّ فالقراءة تراهن عَلَى تحليل القصيدة مِنْ خِلَالِ مستوياتها التركيبية والدلالية .. وَقَد اعتمد الناقد الوصف فِي هَذِهِ القراءة وَلَيْسَ التفسير، وتعامل مَعَ القصيدة كبنية مُسْتَقِلَّة عَنْ أي عامل خارجي، اجتماعي أَوْ نفسي .
أَمَّا الوسائل المعتمدة لعرض قضية النص فَهِيَّ جملة من المصطلحات الإجرائية المستمدة من اللسانيات، وعلم الدلالة البنيوي وعلم الأدب، فِي مسار استدلالي ينطلق من النص وَلَا شيء غير النص لإثبات أن النسق المتحكم فِي بنية القصيدة هُوَ “الثبات ونفي الحركة، وَالَّذِي تتركز وظيفته فِي تحقيق رؤيا قصيدة أدونيس .
وَكُل هَذِهِ الاستنتاجات تؤكد صِّحَة الفرضية الَّتِي انطلقنا مِنْهَا وَهِيَ أن النص يدور حول ماهية نسق وبنية قصيدة أدونيس بَيْنَ الثبات والتحول، وَأَن المنهج لموظف فِي تحليلها هُوَ المنهج البنيوي .
انطلق الناقد، إذن، من مستويات القصيدة (الأبيات) الصوتية، والمعجمية، والصرفية، والدلالية.. ليرصد الحركة فِيهَا مِنْ خِلَالِ الصورة الشعرية الَّتِي تنمو فِي سيرورة علائقية متشابكة ، تنبض بمجموعة من الثنائيات الضدية . وَهُوَ فِي ذَلِكَ يستند إِلَى مرجعية معرفية نظرية وعلمية. وَمَعَ ذَلِكَ ، تبقى حدود هَذِهِ المقاربة البنيوية مثيرة لِعِدَّةِ تساؤلات .. من قبيل : إِلَى أي حد يمكن فهم النص ويناء معناه بالاكتفاء بتشريحات البنيوية ؟
ذ محمد الدواس
عَنْ الموقع
يستفيد سنويا من منصتنا أكثر من 25 مليون زائر وزائرة من جميع الفئات العمرية .
تمَّ الحرص فِي men-gov.com عَلَى 4 توابت اساسية :
ـ جودة المضامين المنشورة وصحتها فِي الموقع
ـ سلاسة تصفح الموقع والتنظيم الجيد مِنْ أَجْلِ الحصول عَلَى المعلومة دون عناء البحث
ـ التحديث المستمر للمضامين المنشورة ومواكبة جديد التطورات الَّتِي تطرأ عَلَى المنظومة التربوية
ـ اضافة ميزات وخدمات تعليمية متجددة
لمدة 3 سنوات قدمنا اكثر من 50000 مقالة وازيد من 200 ألف مِلَفّ مِنْ أَجْلِ تطوير دائم لمنصتنا يتناسب وتطلعاتكم, والقادم أجمل إن شاء الله.
⇐ المنصة من برمجة وتطوير men-gov.com وصيانة DesertiGO
⇐ يمكنك متابعتنا عَلَى وسائل التواصل الاجتماعي ليصلك جديدنا: اضغط هُنَا
À propos du site
Chaque année, notre plateforme profite à plus de 25 millions de visiteurs de tous âges.
Sur men-gov.com, nous avons pris en charge 4 principes:
Qualité et exactitude du contenu publié sur le site
Navigation fluide du site et bonne organisation afin d’obtenir des informations sans prendre la peine de chercher
Mise à jour continue du contenu publié et se tenir au courant des nouveaux développements du système éducatif
Ajout de fonctionnalités et de services éducatifs renouvelables
Depuis 3 ans, nous avons fourni plus de 50 000 articles et plus de 00 000 fichiers pour un développement permanent de notre plateforme qui correspond à vos aspirations, et le suivant est plus beau, si Dieu le veut.
⇐ Plateforme développée par DesertiGO et maintenue par men-gov.com
⇐ Vous pouvez nous suivre sur les réseaux sociaux pour recevoir nos actualités: cliquez ici multi-positivisite