تحليل النصوص: رأي في الحداثة لمحمد عابد الجابري
تحليل النصوص: نص: رأي فِي الحداثة لمحمد عابد الجابري
الأُوْلَى باكلوريا مسلك العلوم والتكنولوجيات
سياق النص
النص محاولة من الدكتور محمد عابد الجابري للخوض فِي جدل عريض يدور فِي العالم العربي بِشَكْل خاص حول مفهوم الحداثة وخلفياتها الفلسفية وتحققاتها الفعلية وعلاقتها بِمَنْظُومَةِ القيم السياسية والاجتماعية والفنية وبماهية الإنسان فِي عالم رأسمالي يمجد الفرد ويقدسه، وَلَا يؤمن سوى بقدراته العقلية والمادية المتطورة باستمرار، إِنَّهُ نوع من الإضافة الَّتِي يحاول الجابري ممارستها عَلَى مفهوم يَبْدُو منفلتا من قبضة التحديد العلمي الصارم، ومرتبطا بقيود الواقع ورهانات المرحلة التاريخية وسيرورة المنجز الحضاري المتعدد والمختلف. وَمِنْ ثُمَّ فالنص مجرد رأي للباحث المغربي فِي الفلسفة والفكر والحضارة، ينبثق من قراءة لتحققات الحداثة فِي الأمم المتقدمة المشاركة فِي صناعة المشهد الحضاري العالمي الراهن سَوَاء فِي أوربا أَوْ أمريكا أَوْ آسيا، وانعكاساتها عَلَى تداول الظاهرة وتنزيلها فِي واقع عربي تسوده أنظمة قروسطية.
ملاحظة النص
يطرح العنوان والملفوظ الأول والأخير فِي النص إشكال محاصرة مفهوم الحداثة معرفيا الَّذِي يَبْدُو أَنَّهُ غير ممكن ، طالما أن بنية التصور المرتبط بِهِ نسبية ، وتثير الكثير من الجدل فِي علاقتها بالاختلاف الَّذِي يسم الفكر والواقع لَدَى مهتمين متعددي المرجعيات والهويات والقناعات، والثابت الوحيد فِي الحداثات فِي نظر محمد عابد الجابري كَمَا تحدده النظرة العمودية للنص هُوَ انبناؤها عَلَى العقلانية والديموقراطية والحرية والحقوق، وما عدا ذَلِكَ فمجرد مواقف وممارسات لاعقلانية وَلَا علاقة لَهَا بترقية الإنسان ماديا وفكريا واجتماعيا، وَهُوَ الهدف الرئيسي للحداثة. ذَلِكَ مَا سنتحقق مِنْهُ أثناء تحليلنا للنص.
فهم النص
يطرح النص حزمة من التصورات والقراءات المرتبطة بالحداثة تروم تصحيح بعض الأوهام والمغالطات الَّتِي رافقت هَذَا المفهوم فِي المتداول العربي فكريا وسياسيا واجتماعيا ، نجملها فِيمَا يلي:
– رفض الكاتب أن تكون الحداثة مفهوما مطلقا جاهزا ومغلقا، وربطه إياها بتحققاتها الواقعية وشروطها التاريخية الَّتِي أفرزت حداثات مختلفة فِي أوربا والصين واليابان والعالم العربي.
– حصر الكاتب مفاصل الحداثة فِي العقلانية والديموقراطية المتجذرتين القادرتين عَلَى استئصال كل مظاهر الاستبداد، وتأصيل حداثة خاصة فاعلة فِي الحداثة العالمية لَا منفعلة فحسب.
– انتقاد الكاتب أصحاب الموقف الفردي اللَّذِينَ يتبنون الحداثة العالمية الجاهزة ، واعتباره طرحا انعزاليا جبريا وقسريا ومتجنيا عَلَى الغير رغم مَا يوحي بِهِ من اشتعال الهدم وَإِعَادَةِ البناء دَاخِل ثقافة مَا ، وتأكيده عَلَى أن جوهر الحداثة، ليس التحديث مِنْ أَجْلِ التحديث، وإنما تحديث الذهنية والمعايير العقلية والوجدانية يتجاوز قيمة الفرد فِي ذاته ليطال الثقافة العامة.
– رفض الكاتب دعوى من يرفعون شعار الحداثة لأجل الحرية الفردية فَقَطْ ، ويرفضون العقلانية لأجل القيود الَّتِي تفرضها عَلَى الحرية ، معتبرا دعواهم صدى لتيارات حداثية غربية معزولة، ومؤكدا عَلَى أن العقلانية فِي العلاقات والتصورات والسلوك فِي الحياة الفردية والجماعية هِيَ سر التقدم الغربي.
– اعتبار الكاتب أن الثورة التكنولوجية والمعلوماتية أخرجت العقلانية الغربية إِلَى لاعقلانية قوضت خصوصية الإنسان ككائن حر، أويسعى إِلَى استكمال وجوده الحر، ونقلت العلم والتكنولوجيا من خدمة الإنسان وحريته وحقوقه إِلَى إنتاج وسائل التدمير والتجسس والمحاصرة والتطويع، والرد الطبيعي سيمون بالتأكيد رفض هَذِهِ اللاعقلانية .
– نسف الكاتب لموقف بعض أدعياء الحداثة العرب المتلبسين بالموقف العقلاني الغربي دون مرعاة اختلاف الواقع هُنَا وهناك، عَلَى اعتبار أن اللاعقلانية عِنْدَ العرب مرتبطة بأشكال التخلف والاستبداد الي تقسم المجتمع إِلَى قطيع وراعي عَلَى شاكلة أنظمة القرون الوسطى ، وَمِنْ ثُمَّ فهذه اللاعقلانية المختلفة تاريخيا تحتاج أولا إِلَى العقلانية والديموقراطية الَّتِي بدأ بِهَا الغرب الصناعي، بعبارة أُخْرَى إِلَى نهضة وأنوار ومابعدهما.
تحليل النص
– يتوزع ألفاظ النص حقلان دلاليان رئيسيان هُمَا: حقل الفكر والفلسفة، وحقل التَارِيخ والسياسة. ويمكن بيان كتلة انتشارهما فِي النص مِنْ خِلَالِ الجدول الآتي:
حقل التَارِيخ والسياسة
ظاهرة تاريخية ـ شروط ـ ظروف ـ حدود زمنية ـ خط التطور ـ الصين ـ اليابان ـ أوربا ـ تجربة ياريخية ـ الوضعية الرهنة ـ الديموقراطية ـ الاستبداد ـ النظام ـ الغرب الصناعي ـ الاقتصاد ـ الإدارة ـ مؤسسات الدولة ـ الثورة التكنولوجية والمعلوماتية ـ القرون الوسطى ـ سلوك القطيع ـ عصا الراعي ـ …
وحقل الفكر والفلسفة
المعاصرة ـ العالمية ـ الحداثة المطلقة ـ النسبية ـ النهضة والأنوار ـ العقلانية ـ التراث ـ فاعلين ـ منفعلين ـ الأطروحة ـ المشكلة ـ التجربة ـ الفرد والغير ـ الجماعة ـ النقد ـ الإبداع ـ الثقافة ـ الذهنية ـ المعايير العقلية والوجدانية ـ العلم ـ التكنولوجيا ـ القيمة ـ الخصوصية ـ الكينونة ـ السلوك ـ اللاعقلانية ـ العلاقات ـ التصورات ـ الفكر ـ الحرية الفردية ـ الحقوق
وبتأملنا للمواد المعجمية المشكلة للحقلين بِشَكْل متواز ومتساو تقريبا يتضح بجلاء أن الحداثة مفهوم وتجل، لَهُ خلفية فكرية وفلسفية تصنع أيقوناته التصورية الَّتِي تتكيف بِشَكْل من الأشكال مَعَ السياقات الاجتماعية والسياسية والتاريخية الَّتِي تشرط وجودها وتقولبها فِي قوالب تحافظ عَلَى المادة الخام للحداثة المرتبطة بتطوير حياة الإنسان تطويرا عقلانيا نفعيا يقود إِلَى الاكتمال والقوة والاكتفاء، وتحريرها من كل قيود الوصاية والكبت والانتهاك والتخلف، وَلَكِن بمنطلقات ومسارات ونتائج مختلفة تَبَعًا لطبيعة اللحظة التاريخية وذكاء الاستجابة ومرونتها وخاصية الإبداع والقدرة عَلَى التجاوز والتحدي لَدَى الجماعة والثقافة المعنية.
– يرى الكاتب أن الحداثة مِنْ أَجْلِ الحداثة لَا معنى لَهَا، لأنها بِذَلِكَ تتحول إِلَى مجرد شعار، أَوْ قناع شكلى وإجراءات سطحية تزيينية لَا عمق لَهَا وَلَا جذور، وتؤول فِي النهاية إِلَى محاولة لسلخ الذات وجلدها واقتلاعها من شروط وجودها دون تأصيل للحرية والإبداع والتنمية والإنتاج، ولذلك يؤكد الجابري عَلَى كون الحداثة تجربة تاريخية عميقة تكابدها المجتمعات المدعوة نامية، ولكل مجتمع حداثته وفهمه الخاص للحداثة الَّذِي لَا يختلف عَنْ التصور النموذجي لَهَا فِي العمق ، لأنه يستحضر تاريخيته وجدلية الكوني والخاص فِي حياة الشعوب، فالحداثة نمط من المعرفة والسلوك يصعب استيعابه وتطبيقه دون فهم الشروط الذاتية لمجتمعات مَا زَالَتْ تعيش التخلف والتقليد والاستبداد، هَكَذَا تصبح الحداثة فِي نظر الجابري مشروعا معقدا لَا مجرد شعار، أَوْ نمط من الإيديولوجيا المسخرة فِي صراعات مفتعلة ، أَوْ مِنْ أَجْلِ السطو عَلَى السلطة وتكريس مزيد من التبعية والجمود والتخلف ، مشروعا يضع ضمن أولوياته تثبيت العقلانية والديموقراطية كشرطين أساسيين لقيام أية حداثة، وبهذا تكون الحداثة إنجازا وليست نماذج للاستهلاك والإسقاط كَمَا يحصل عندنا ، ولذلك فشلت حداثتنا، إِنَّهَا صيرورة طويلة ومعقدة ومسبوقة بالوعي الحداثي العقلاني وببناء ديموقراطية حقيقية ، لَا منطلقا علميا وسرا تمتلكه النخبة ، أَوْ كائنا جاهزاماضويا أَوْ مستوردا.
– عمد الكاتب إِلَى اتباع سيرورة حجاجية مِنْ أَجْلِ الدفاع عَنْ وجهة نظره ، والرد عَلَى معارضيه، ويمكن تتبع مراحل هَذِهِ السيرورة مِنْ خِلَالِ الجدول الآتي :
المحصلة المنطقية الاستدلالات نقيض الأطروحة الأطروحة
الحداثة ظاهرة تاريخية مرتبطة بصيرورة التطور ومشروطة بتوفر التفكير والسلوك العقلانيين والنظام الديموقراطي الحقيقي ـ رفض المطلق والجاهز يؤكده واقع الحداثة وتجاربها
ـ شرط الفاعلية يقتضي الفهم الخاص للحداثة
ـ قصر الحداثة عَلَى الحرية الفردية يضرب مبدأ العقلانية كشرط لَهَا
ـ اختلاف اللحظة التاريخية وشروط تحقق الحداثة فِي الأماكن المتعددة يدحض دعوى أصحاب المنظور الأحادي – الحداثة مفهوم كوني جاهز، ونسق فكري وسياسي واقتصادي واجتماعي متكامل
– الحداثة موقف فردي وتحقيق للحرية الفردية الحداثة اختلاف فِي مفهوم والتطبيق محكوم بالصيرورة التاريخية لأمة مَا ، مشروطة بالعقلانية والديموقراطية
– النص من حَيْتُ البنية المنطقية رد عَلَى معارض ضمني من سماته أَنَّهُ من دعاة الحداثة بمفهومها الإطلاقي الشمولي المؤسس عَلَى الديموقراطية الليبرالية والعلمانية والعقلانية التجريبية المادية والعلمية والتقدمية والحرية الفردية وحقوق الإنسان باعتبارها نماذج ناضجة ونهائية فِي الفكر والممارسة الغربية حققت بعدها العالمي بَعْدَمَا تبنتها المؤسسات والهيئات ذات القرار فِي المنتظم الدَّوْلِي، وَقَد قَامَ الجابري بتمحيص الرأي المعارض وإخضاعه للتحليل المنطقي وصولا إِلَى بيان ثغراته الَّتِي أضعفت حمولته المنطقية وقوته الاستدلالية، وحولته إِلَى خطاب إسقاطي دغمائي يبتعد عَنْ جوهر الحداثة الَّذِي من أجله حصل مَا حصل فِي الغرب من تقدم، والمرتبط أساسا بتجذير التحول إِلَى العقلانية والديموقراطية بناء عَلَى إكراهات الخصوصية ومتطلبات المرحلة التاريخية والحيز المكاني ( الواقع الراهن ).
– استعمل الكاتب روابط لغوية متعددة تناسب سيرورة الحجاج فِي النص وَمِنْ ضمنها استئناف الفقرات والجمل بألفاظ تحيل إِلَى الوثوقية وتعضد النزعة التمثيلية الاستقرائية ، وتؤمن الوظيفة الإقناعية من قبيل ( الواقع أَنَّهُ ، العمود الفقري الَّذِي يَجِبُ ، فعلا لَقَدْ عمت العقلانية…) فِي جمل خبرية دقيقة فِي أبعادها الإشارية المباشرة وَالَّتِي تركن أحيانا إِلَى الاطمئنان إِلَى بديهيات فلسفية مثل (ليست هُنَاكَ حداثة مطلقة ـ الحداثة ظاهرة تاريخية ـ كلا ليست الحداثة موقفا فرديا إلَّا من حَيْتُ ارتباطها بالنقد والإبداع…)، وَمِنْ ضمنها أدوات التوكيد ( إن ـ أن ـ اللام ـ قَد …) والعطف( الواو ، الفاء ـ عطوف البيان والنسق ) والقصر بأساليبه المختلفة (إنماـ النفي والاستثناء …) وتعابيرالتفسير والتفصيل ( وبعبارة أُخْرَى ـ باعتبار أن …)، وضمائر الفصل (إن الحداثة عندنا هِيَ النهضة…، إن العمود الفقري هُوَ العقلانية …) وأساليب النفي والإثبات وَهِيَ كثيرة ومسخرة لتثبيت موقف ونسف آخر، وأنماط من التكرار النسقي أَوْ الدلالي أَوْ بغرض التوكيد والتفسير( تكرار لفظ الحداثة ـ تكرار ألفاظ ذات حمولة فلسفية ـ تكرار نواسخ وأفعال وأسماء وقيود…)، والاستدراك والإضراب ( وَلَكِن مَعَ ذَلِكَ ـ بَلْ هِيَ دوما ـ بَلْ لَقَدْ خرجت …) وجمل الاعتراض ( إن الحداثةهي ، عَلَى الرغم من الأهمية الَّتِي تعطيها للفرد، ليست مِنْ أَجْلِ ذاتها …) وبعض أساليب التعريض والسخرية ( بعض مدعي الحداثة عندنا يقلدون ـ بعض أدعياء الحداثة …)، وضمير النحن المضخم للذات المتحدثة باعتبارها ذاتا موثوقا بِهَا فِي مضمار الحجاج والمناظرة الضمنية ( نحن نعتقد أَنَّهُ ـ فإننا لَنْ ننجح …)، كل ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ ضمان الاتصال الدلالي بَيْنَ مكونات الملفوظ الحجاجي، وزيادة حدة الحضور الإيقاني للمعروض المنطقي، ووضع المتلقي فِي سياق تأويلي يحتاج إِلَى كثير من التركيز والانتباه، وربط المحمولات المنطقية بعضها ببعض تأمينا للانسجام وتلافيا للتناقض.
تركيب وتقويم
عرض النص مفهوم الحداثة باعتباره ظاهرة تاريخية مشروطة بالسياق الزمني والمكاني الخاص ومرتبطة جدليا بالعقلانية والديموقراطية، ونازع معارضي هَذَا المفهوم ممن يعتبرون الحداثة مفهوما كونيا كاملا لَا يتجزأ يؤخذ كَمَا هُوَ باستدلالات منطقية قادته إِلَى تَأْكِيد أطروحته الَّتِي نسج خيوطها فِي بداية النص، واستثمر العدة الأسلوبية الداعمة للحجاج بِمَا فِيهَا من روابط لغوية ومنطقية واستعمالات تعزز الوظيفة الإقناعية للغة المستعملة. وَفِي رأينا أن الحداثة كنموذج غربي منوه بِهِ، بالفهم الخاص أَوْ الكوني، وإن حققت الكثير من التقدم العلمي وطورت الحياة المادية والاجتماعية للإنسان ، انتهت إِلَى تفريغ قيم العالم الحر من مدلولاتها بِمَا أخفته من براغماتية ترتكز عَلَى منطق السوق والتجارة وتسوغ الهيمنة والاستعمار ونهب خيرات الشعوب الضعيفة وإخضاعها للتبعية وتبرر العنف والحروب ضدها ، وتهدد البيئة وتشوه الطبيعة الإنسانية، وتعتمد مقياس التبادل نموذجل أوحد للتواصل البشري حَتَّى أَصْبَحَ الأفراد فِي المجتمع الغربي ذرات مُسْتَقِلَّة لَا تربطها سوى علاقة الحاجة والمصلحة.
ذ محمد الدواس
عَنْ الموقع
يستفيد سنويا من منصتنا أكثر من 25 مليون زائر وزائرة من جميع الفئات العمرية .
تمَّ الحرص فِي men-gov.com عَلَى 4 توابت اساسية :
ـ جودة المضامين المنشورة وصحتها فِي الموقع
ـ سلاسة تصفح الموقع والتنظيم الجيد مِنْ أَجْلِ الحصول عَلَى المعلومة دون عناء البحث
ـ التحديث المستمر للمضامين المنشورة ومواكبة جديد التطورات الَّتِي تطرأ عَلَى المنظومة التربوية
ـ اضافة ميزات وخدمات تعليمية متجددة
لمدة 3 سنوات قدمنا اكثر من 50000 مقالة وازيد من 200 ألف مِلَفّ مِنْ أَجْلِ تطوير دائم لمنصتنا يتناسب وتطلعاتكم, والقادم أجمل إن شاء الله.
⇐ المنصة من برمجة وتطوير men-gov.com وصيانة DesertiGO
⇐ يمكنك متابعتنا عَلَى وسائل التواصل الاجتماعي ليصلك جديدنا: اضغط هُنَا
À propos du site
Chaque année, notre plateforme profite à plus de 25 millions de visiteurs de tous âges.
Sur men-gov.com, nous avons pris en charge 4 principes:
Qualité et exactitude du contenu publié sur le site
Navigation fluide du site et bonne organisation afin d’obtenir des informations sans prendre la peine de chercher
Mise à jour continue du contenu publié et se tenir au courant des nouveaux développements du système éducatif
Ajout de fonctionnalités et de services éducatifs renouvelables
Depuis 3 ans, nous avons fourni plus de 50 000 articles et plus de 00 000 fichiers pour un développement permanent de notre plateforme qui correspond à vos aspirations, et le suivant est plus beau, si Dieu le veut.
⇐ Plateforme développée par DesertiGO et maintenue par men-gov.com
⇐ Vous pouvez nous suivre sur les réseaux sociaux pour recevoir nos actualités: cliquez ici multi-positivisite