“فخ الإفلاس” يوقع بمصارف أمريكية .. خبير: الأبناك المغربية تتجنب الصدمات

فِي عملية أشبه بـ”تأثير الدومينو”، تَنْطَلِق شرارته بعد حدث اقتصادي سيّئ، يواصل مسلسل إفلاس أبناك أمريكية فِي بث الإحساس المتزايد فِي الأوساط المالية بـ”خطر انهيار” المنظومة المالية العالمية وسط “تحذيرات جدّية” من أزمة شبيهة بسابقتها لِسَنَةِ 2008 رغم “محاولات طمأنة” أمريكية غير فاترة.

وَفِي ظرف زمني وجيز، تولّى “فخ الإفلاس” مهمة الإيقاع بثلاثة مصارف كبيرة بالولايات المتحدة الأمريكية، معيداً إِلَى الأذهان شبح الأزمة المالية العالمية لعام 2008؛ لعل أبرزها إغلاق بنك “سيليكون فالي”، نهاية الأسبوع الماضي، فِي وقت سارع “مُنظِّمو السوق الفدراليون” بالولايات المتحدة إِلَى “تنفيذ خطة إنقاذ تُجنّب تأثير انهيار المصرف المتخصص فِي تمويل الشركات التكنولوجية والناشئة عَلَى بقية النظام المصرفي”.

كَمَا أُغلِق بنك “سيغنتشر” (مقره نيويورك) بانتقال وصايته للمُؤَسسَة الاتحادية للتأمين عَلَى الودائع؛ إثر ضغوط متزايدة عَلَى خلفية إفلاس بنك “سيلفرغيت” للعملات المشفرة مطلع مارس، معلنا “التصفية الطوعية”.

تطويق الأزمة

محاولاً تطويقها، سارع البيت الأبيض إِلَى التدخل عَلَى خط الأزمة لنزع فتيلها، متعهدا عَلَى لسان الرئيس الأمريكي بـ”محاسبة الأشخاص المسؤولين عَنْ إفلاس مصرفيْ ‘وادي السيليكون’ و’سيغنِتشر بنك’”، قبل أن يطمئن الأمريكيين بِأَنَّ “ودائعهم فِي أمان”.

وَفِي كلمته، الإثنين، قَالَ بايدن: “إن دافعي الضرائب لَنْ يتحملوا الخسائر الناجمة عَنْ فشل البنك”، كاشفا أَنَّهُ سيطلب من الكونغرس “تعزيز القوانين الناظمة للبنوك، تجنباً لصدمات مقبلة”.

وتفاعل خبراء اقتصاديون عَلَى مُسْتَوَى العالم مَعَ هَذِهِ التطورات، منوّهين برد الفعل السريع للهيئات المنظمة للسوق المالية بأمريكا للحد من “موجة الصدمة الاقتصادية”، معتبرين أَنَّهُ تسلسل سيسجل فِي التَارِيخ باعتباره «أول ذعر فِي سوق الأسهم والأبناك فِي عصر شبكات التواصل الاجتماعية»، وفق المجلة الاقتصادية الأمريكية “Fortune”.

كَمَا يجتمع البنك الفيدرالي الأمريكي بِشَكْل “طارئ” لتدارس الأدوات الَّتِي سيتخذها لمنع حدوث إغلاقات أكثر تواجه البنوك الَّتِي تهددها أزمات سيولة.“تأثير محدود”

الطيب أعيس، خبير مالي مغربي متخصص فِي الشأن الاقتصادي، اعتبر أن بنك “وادي السليكون” يحتل الرتبة السَّـادِسَة عشرة عَلَى مُسْتَوَى الأصول فِي الولايات المتحدة، “وبرز كمصرف متخصص فِي تعاملاته مَعَ زبائنه اللَّذِينَ تشكل معظمهم من مقاولات ناشئة أَوْ مستثمرين مختصين فِي ميدان التكنولوجيا (لاسيما الشركات العملاقة لشبكات التواصل الاجتماعي)”، مشيرا إِلَى نشاط بنك آخر فِي سوق العملات الرقمية المشفرة.

ولفت أعيس، فِي تصريح لجريدة موقع متمدرس الإِِلِكْترُونِيَّة، إِلَى “تباين عَدَدُُ مِنَ النقاط الَّتِي تصنع فارقاً بَيْنَ الأزمة العالمية 2008 وما نُعايشه فِي السياق الراهن”، مؤكدا أَنَّهُ “رغم الذعر الَّذِي قَد يسببه، للوهلة الأُوْلَى، إعلان إفلاس بنوك كبرى فِي قوة اقتصادية محورية كالولايات المتحدة الأمريكية فَإِنَّ التأثير يظل محدوداً إِلَى حدود اليوم”.

ونوّه الخبير المالي ذاته بـ”سرعة تدخل وتحرك السلطات المركزية المالية الأمريكية المتحكمة فِي هيكلة السوق المصرفية”، بِشَكْل يُعاكِس مَا حدث عام 2008 من “تدخل متأخر بعد معاينة انهيارات مالية متكررة”، موردا: “تمَّ تخصيص 25 مليار دولار لحالة الطوارئ هَذِهِ، وشاهدنا الرئيس الأمريكي يتحدث فِي نبرة طمأنة”.

وتابع المتحدث شارحا: “الحكومة الأمريكية ممثلة فِي وِزَارَة الخزانة الفدرالية، وعدد من فاعلي السوق، الضامن لِهَذِهِ الأبناك وتهدئة الأوضاع”، مستحضرا “مسار الإفلاس بَعْدَمَا سارع المُودِعون إِلَى سحب أموالهم عقب ارتفاع نسَب الفائدة مُفضيا إِلَى زيادة كبيرة لَمْ تتحملها صناديق البنك، مَا جعل المصرف يبيع جزءا مهما من أصوله، قُدّرت بخسارة نَحْوَ 2 مليار دولار”.

ووصف أعيس إفلاس الأبناك الأمريكية بأنها “هزة كبيرة ذات أثر خفيف عَلَى مُسْتَوَى تداولات البورصات العالمية والأوروبية الَّتِي تراجعت فِي معظمها بحوالي 3 فِي المِئَةِ هَذَا الأسبوع”، قبل أن يستدرك بِأَنَّ “الخطر من أزمة مالية عالمية قَد يصير مؤكداً حينَ انتشار الذعر والهلع (panique) بَيْنَ أنظمة مالية لمختلف الدول جراء هزات اقتصادية ارتدادية”.“النظام البنكي المغربي مستقر”

فِي حديثه مَعَ جريدة موقع متمدرس، استطرد الخبير الاقتصادي مطمئناً: “عموما، يظل النظام البنكي والمالي المغربي مستقرا وغير معني بِشَكْل مباشر بتأثيرات مَا يعتمل فِي المصارف الأمريكية؛ كَمَا أَنَّهُ متوفر عَلَى إمكانيات كثيرة تُجنبه الصدمات وتمكنه من استباقها”.

وخلص المتحدث ذاته: “قَد يكون للأمر تأثير عَلَى المدى المتوسط، خاصة فِي اتجاه توقع اتخاذ إجراءات تشديد الإجراءات الاحترازية الَّتِي تلجأ إِلَيْهَا الأبناك؛ لاسيما مِنْ خِلَالِ رفع منسوب الاحتياطيات النقدية لتغطية القروض بهامش مُريح”.

عَنْ الموقع

À propos du site