مؤسساتنا التربوية ماذا تنتج؟ والى أين تسير؟ التقويم المؤسستي: محاولة للاستدراك
تاريخ النشر: 2011-01-09
اولا. مقدمة:
تساؤلات بديهية على ضوء صدور التقرير الأول للمجلس الأعلى للتعليم (2008)، الذي تناول بقدر من التقويم والتمحيص حالة نسقنا التعليمي؛ وإشارة إلى تقرير جمعية (AMAQUEN) الذي كانت لهجته مرتفعة ومقنعة في كثير من جوانبها؛ هذا مع الإشارة إلى تقارير الدراسات الدولية (TIMSS ;PIRLS)، التي صدرت بهذا الخصوص من طرف الجمعية الدولية لتقويم التحصيل التربوي (IEA)، والتي شارك المغرب في بعضها إلى جانب دول أخرى، كانت نتائجها صادمة للبعض ومتوقعة من طرف البعض الآخر، (على قاعدة لا نحصد إلا ما زرعت “أيدينا”)؛ فضلا على أننا ولحد اللحظة لا نعرف على وجه التدقيق ما الذي تنتجه مؤسساتنا التعليمية (مستوى تحقق الأهداف والمكتسبات) وما هي مردوديتها والى أين تسير؟ أتتصاعد مؤشراتها إلى أعلى أم تنتكس إلى أسفل؟ وما هي القيمة التربوية المضافة (la valeur éducative ajouté) لهذه المؤسسات (عمومية بالدرجة الأولى وخصوصية أيضا)؛
ولكي نوضح الصورة أكثر نضرب المثال التالي وهو قريب من الواقع في بعض جوانبه: تجد مؤسسة تعليمية ابتدائية تنتمي للوسط الحضري، (الابتدائي على سبيل المثال لا الحصر؛ حيث أن المؤسسات الإعدادية والتأهيلية غير مستثنيات وقد تكون حالتها أسوأ). فضاءها رحب حديقتها غناء؛ بنيتها التحتية لا بأس بها معظم أطرها لهم (نظريا) تجربة وتكوين يؤهلهم للقيام بمهامهم في حدودها المعقولة؛ معظمهم في وضعية مريحة نسبيا والمؤسسة قريبة من مقرات سكناهم؛ وحجراتها فسيحة؛ معظم أقسامها لا يتجاوز عدد التلاميذ فيها الثلاثين إلا ناذرا؛ في عدد من مستوياتها خاصة المستوى الأول، لا يتجاوز عدد التلاميذ العشرين تلميذا إلا باثنين أو ثلاثة (وقد يقل على ذالك)؛ وذالك أمام ما يلاحظ من اضطرار عدد كبير من الأهالي – رغم عسرهم المادي- تسجيل أبناءهم بالخصوصي اعتقادا منهم انه الأفضل مطلقا؛ أو يمثل الحل في غياب البديل. ماذا تجد؟ خاصة لدى تلاميذ المستوى الأول الذي ضربناه مثلا وعددهم القليل في القسم الواحد، يرفع شبهة الاكتضاض؛ دون تعميم تجد أن النتائج هزيلة ومخيفة: التلاميذ لا يكتسبون مهارات وكفايات جديدة؛ لا تصقل مواهبهم ولا تُرعى قدراتهم الموروثة؛ يفقد بعضهم أو جلهم ما اكتسبوه خلال مرحلة الروض إن هم مروا بها؛ (وهنا لابد من الإشارة إلى إن المدرس لا يتحمل المسؤولية لوحده فالمشكل نسقي حيث يتدخل غياب التأطير من حيث النوعية والكثافة والتتبع، كما تتدخل سلبية المجتمع وعدم اكتراثه بالمؤسسة، وتدبدب إرادة الإصلاح وعدم أخد المستوى النفسي- الاجتماعي لدى كل المتدخلين في العملية التربوية بعين الاعتبار لحشد التعبئة وشحذ الحافزية حول مشاريع الإصلاح، والناتج بدوره عن غياب أو غموض الرؤية والمشروع المجتمعي في خطابنا الإصلاحي)؛ والسؤال المطروح هنا من يتحمل المسؤولية؟ بدون شك الكل، الكل مشارك في صنع هذا التردي والتراجع “للمدرسة المغربية” أول ملاحظة يمكن تسجيلها في الآونة الأخيرة في هذا الصدد هي غياب أو تغييب، وعطالة أو تعطيل منظومة التأطير وآليات التتبع والإشراف سواء من داخل المؤسسة أو من خارجها، أو هما معا.
إن مؤسساتنا التربوية العمومية تسير بغير هدى. فرافعة التأطير والتتبع والتقويم المؤسستي تمثل بوصلة المسير، عند فقدانها تضل القافلة الطريق. إن بعض الظواهر والممارسات الرديئة التي أصبحت تعج بها المؤسسة التعليمية كظاهرة “السوايع الإضافية” خارج المؤسسة واهتزاز تكافؤ الفرص المترتب عن ذالك، والسطو الملاحظ على مكانة المدرس وصورته الاجتماعية، وضياع حق المتعلم في التلقي والتلقين الكاملين والوافيين في الحصة الرسمية داخل الفصول الدراسية، وظاهرة المحاباة في إسناد النقط، المرافقة لذالك، والهوة السحيقة الملاحظة بين معدلات المراقبة المستمرة من جهة ومعدلات الامتحانات الجهوية والوطنية من جهة أخرى، واختلال معادلة الحق/الواجب، إن على مستوى الأستاذية أو على مستوى التلمذة، وتراجع التأثير البيداغوجي للمدرس في المجتمع المدرسي أو خارجه وطيش بعض المتعلمين والمتعلمات وتراجع منسوب قيم الاحترام واللباقة داخل المؤسسة وفي محيطها القريب (دون تعميم)… إلى غير ذالك؛ لا ترجع هذه الممارسات الرديئة فقط إلى عوامل موضوعية بل يرتبط جزء هام منها ودون شك، بالقابلية لتبنى واحتضان وتكريس واستنبات هذه الرداءة من حيث نشعر أو لا نشعر (على قياس نظرية القابلية للاستعمار لصاحبها المفكر الجزائري الراحل مالك بن نبي)،
كل هذا وغيره من أعطاب هيكلية وتجليات للتراجع في الأداء والفعل التربوي البناء والتنموي، يفرض علينا إعادة اكتشاف وتأسيس المدرسة الوطنية المغربية المولدة لقيم البناء والارتقاء والجدارة والنجاعة، والإشراك والحوار والندية وتكافؤ الفرص مؤطرة بتعاقد وهمّة جديدين وشاملين لكل الميادين وبتطلع عازم للمستقبل، وموسومان بنفس الشحنة والتوثب اللذان تولدا غداة الاستقلال منتصف القرن السابق.
تقرير “الجمعية المغربية لتحسين جودة التعليم” AMAQUEN لسنة 2008 الذي شمل 51 مؤشرا مؤطرة بتسعة معايير ضابطة، هو الآخر، وقف على مجموعة من الاختلالات بنسقنا التربوي، تمثل أبرزها في «الغياب المثير لسياسة تقويمية تطال جميع مكونات المنظومة، تهدف لمقارنة النتائج المسجلة والممارسات المتبعة بمرجع معياري للجودة يتألف من مجموعة من المعايير الواضحة والمؤشرات القابلة للقياس، إن إرساء منظومة ناجعة للتقويم تكون متمركزة حول مكتسبات المتعلمين، جدير بتجنيبنا أسباب الفشل والخيبة عقب كل مشروع من مشاريع الإصلاح، مما يمكننا من وضع الأصبع على الاختلالات الحقيقية للقطاع لمعالجتها، ويساعد على اتخاذ القرارات المؤسّسة على المعطيات الفعلية لا على الانطباعات والافتراضات؛ لكن واقع الحال يشير إلى عدم توفرنا على منظومة للمعلومات كفيلة بتوفير المعطيات اللازمة لتدبير وريادة نسقنا التعليمي» كما أشار التقرير إلى أن النتائج التي حصّلها المغرب بمشاركته في بعض الدراسات التقويمية الدولية (PIRLS ,2006 – TIMSS, 2003 – TIMSS,2007) مثلا، حول مكتسبات المتعلمين والمتعلمات، كان من المفروض أن تمثل موضوع نقاش وطني يساعد على تبني قرارات تصحيحية وتعديلية تخص المنظومة، قد وُوجهت بصمت وتكتم مستغربين إن لم نقل تغييب وإخفاء عن الرأي العام.
تقرير المجلس الأعلى للتعليم (2008) المشار إليه سابقا هو الآخر وقف على اختلالات بنيوية بالمنظومة التربوية المغربية، ومثّل إلى حد كبير نقلة نوعية وجادة، لكن إلى أي حد بإمكان البرنامج الاستعجالي (“النفس الجديد”) أن يعمل على تجاوز هذه التحديات خاصة ما تعلق منها بمكتسبات المتعلمين والمتعلمات والتي تبعث مستوياتها على القلق، في ظل غياب تقويمات مرحلية وتتبعية، وغياب الرؤية المؤسساتية في تناول قضايا التربية والتعليم بالتقويم المنتظم، وطرحها للنقاش الحر والمباشر والمكثف في وسائل الإعلام المرئي والمسموع تعزيزا للشفافية التي تعتبر مدخلا من مداخل التقويم المؤسستي؛ فالمجلس المذكور سابقا خفت ديناميكيته بعد سنة 2008 مما يجعلنا نتساءل عن المقاربة المؤسساتية في هكذا هيئات، حيث أن نشاطها عادة ما يرتبط بالأشخاص المشرفين عليها أكثر من ارتباطه بالرؤية والرسالة الموكولة إليها كضمان للاستمرارية بشحنة الانطلاقة الأولى. (المقاربة المؤسساتية تقتضي أن لا ينقطع نشاط المؤسسة آو تتراجع حيويته بسبب ظروف تطرأ عليها أو رحيل أفراد عنها).
والخارجي للمؤسسة التربوية، وببعض الاقتراحات والتوصيات للمساهمة في تأهيل وترقية الوضع القائم.
CIPOO .2: النموذج CIPOO هو مجموعة من المؤشرات الكمية والنوعية التي يتم انجازها أو حسابها من اجل الوقوف على المردودية الداخلية والخارجية للمنظومة. وهو يمكّننا من وصف مستوى تسيير وتدبير المنظومة التربوية والحكم عليها من خلال حزمة من المؤشرات التي تُرتب كما يلي:
- حزمة مؤشرات تتعلق بالسياق؛ ((contexte؛
- حزمة مؤشرات تتعلق بالمدخلات (input)؛
- حزمة مؤشرات تتعلق بالسيرورة ) (processus ؛
- حزمة مؤشرات تتعلق بالمخرجات (output)؛
- حزمة مؤشرات تتعلق بالحصيلة والآثار البعيدة المدى (outcome) ؛
3. مفهوم التقويم الداخلي أو الذاتي للمؤسسة هي عملية تقويم لمدى تحقق معايير الجودة بالمؤسسة وتتم على يد فريق منها وفق سيرورة ومنهجية محددتين سلفا ويعرفه جلبير دولانتشير (1979): بأنه «التقويم الذي يتولاه أشخاص ينتمون إلى الفريق التربوي المكلف بتنفيذ برنامج معين، وهو عكس التقويم الخارجي الذي يتولاه أشخاص من خارج هذا الفريق»
4. مفهوم التقويم الخارجي للمؤسسة عكس التقويم الداخلي، التقويم الخارجي: يتولاه فريق من جهة خارجية مستقلة عن المؤسسة ويعتبر سيرورة لافتحاص وتقييم مدى تحقق معايير الجودة والأهداف المرسومة في مشروع المؤسسة .
5. التقويم المؤسستي هو «السيرورة، التي من خلالها نعمل على: تحديد، وحيازة، وإعداد: المعلومات الناجعة والتي تمّكننا من الحكم والترجيح بين مجموعة من الخيارات العلاجية المتاحة، القابلة للإنجاز، قصد تسهيل عملية اتخاذ القرار». إذن فهو مجموعة عمليات تقويمية ممنهجة هدفها تحديد نقاط الضعف ونقاط القوة في تدبير وتسيير مؤسسة ما، بغية تعزيز نقاط القوة وعلاج نقاط الضعف، وتتم هذه العملية على ضوء معايير محددة، وترتبط برؤية ومشروع المؤسسة المنبثق من رؤية السلطة الوصية على التربية والتكوين بهدف تحسين الأداء.
ثانيا. على سبيل العرض والتفصيل:
أهم مقاربات التقويم المؤسستي إن تحسين أداء ومردودية منظومة التربية والتعليم يمثل بالنسبة للسلطات الوصية انشغال دائما، والتقويم المؤسستي يعتبر أهم الوسائل لتحقيق هذا الهدف؛ يتخذ أشكالا متعددة حسب الموضوع المعروض للرصد والتحليل، حيث أن «التقويم التربوي لم يعد منصباً على التلاميذ فحسب بل أصبح شاملاً في منهجيته يتناول العملية التعليمية بكافة جوانبها ومتغيراتها من طلاب ومعلمين ومشرفين ونظم إدارية ومناهج … لقد أثبتت التجربة أن إقامة نظام تقويمي دون اتصاله ببرامج تطويرية يولد كماً هائلاً من الرفض والمعارضة، ولتحقيق الفعالية فإنه على كلٍ من النظامين، نظام التقويم ونظام التطوير أن يعملا سوياً، لذا فإن هدف التقويم التربوي يجب ألا يقتصر على عمليات القياس والمقارنة على أساس معايير محددة مسبقاً، بل يتعداه إلى اتخاذ قرارات التطوير والتجديد» لكن ما هي أهم المقاربات النظرية لتقويم المؤسسة التعليمية؟
1. مقاربات التقويم المؤسستي حسب مشيل ليكوانت
يمكن تحديد أربع مقاربات لتقويم وحدات التربية والتكوين وهي:
أ. مقاربة تستحضر البعد الاقتصادي بمعناه العام في التقويم: وتنطلق من سؤال: ما هي النتائج المحققة على ضوء الاستثمارات والنفقات التي تم صرفها على المؤسسة التربوية؟ والهدف يتجلى في تشخيص وجرد هذه النتائج المحققة من خلال العمل على إثبات أن أهدافا ملموسة قد تم تحقيقها بأموال المشاركين في الإنفاق على المؤسسة.
ب. مقاربة ذات بعد “تقنوي” أو تقني، تستحضر المعادلة: وسائل/أهداف أي العمل على تحقيق الأهداف على ضوء ما رصد من وسائل مع التركيز على قياس وتكميم مستوى الأداء والاستثمار الأمثل للوسائل والزمن من خلال توزيع المهام وتنظيم العمل (taylorisme)واستحضار الجوانب التقنية في الفعل التربوي لضمان الجودة المطلوبة.
ت. مقاربة تعتمد تقويم السوق: أي أن تقويم نواتج التربية ومخرجاتها متروك، “لزبناء” المؤسسة؛ و”المستهلكون” لمنتجاتها من سوق شغل ومجتمع، بناء على المعادلة: جودة المنتج/ كلفته، بحيث يتم تقويم المؤسسة التربوية على ضوء قدرتها على تكوين اطر قادرة على الاندماج بسرعة في سوق الشغل.
ث. مقاربة تقويمية تنبني على ضمان الامتثال (conformité) للقوانين الجاري بها العمل، من خلال تتبع ومراقبة مدى احترام المؤسسة لهذه القوانين والتشريعات، ومدى التطابق مع القيم والأعراف السائدة، ويعطي هذا النمط من التقويم أهمية كبرى للدوريات والقوانين والتشريعات المنظمة للعمل.
2. منهجية التقويم المؤسستي: المؤسسة التعليمية كوحدة حسب فيفيان ريدينك Viviane Reding
إن تحديد موضوع التقويم وأهدافه، يمكّن من التمييز بين تقويم أداء المؤسسة ككل أو كوحدة، وبين تقويم مكوناتها، حيث يكون الهدف في الحالة الأولى هو مراقبة أداء المؤسسة كمنظومة دون النظر إلى أداء كل فرد فيها، قصد تنميتها وتطويرها ككل؛ أما في حالة تقويم أداء المدرسين وغيرهم من العاملين بها، فان التقويم يجري على المستوى الفردي، ويكون الهدف هو التتبع والمراقبة والمساعدة على تحسين الكفاءة المهنية لكن لكل فرد على حدة. عمليا عندما يجري التقويم على مستوى المؤسسة كوحدة، تُقدم نتائج تقريره في إطار شمولي دون تفصيل، في حين عند يتم تقويم الفاعلين بالمؤسسة كأفراد فكل واحد منهم يتلقى تغذية راجعة تقويمية تخص أداءه وتكون كتابية أو شفوية. ويمكن الجمع بين المنهجيتين بحيث يُستثمر تقويم المؤسسة كوحدة لإصدار أحكام شمولية مصحوبة بالحلول والمقترحات الضرورية، وأخرى تخص أداء كل فرد فيها. في السياق ذاته، وبهدف تتبع وتقييم أداء المنظومة التربوية ككل يتم على سبيل المثال، إخضاع جميع التلاميذ أو عيينات تمثيلية منهم لروائز مقننة؛ أو يقتصر الأمر على استثمار نتائج الامتحانات الإشهادية، بتحليل معطياتها، قصد تشخيص حالة النظام التربوي ككل، فيتحقق التقويم الشامل للمنظومة بكاملها أما عندما يتم تناول هذه النتائج على مستوى كل مؤسسة على حدة فان التقويم يكون أيضا على مستوى المؤسسة كوحدة محلية.
وتُعرف منهجية تقويم المؤسسة التربوية على أنها «التركيبة التي تجمع بين كل من الجهة التي تتولى عملية التقويم (فرد أو جماعة)؛ موضوع التقويم أو أهدافه؛ معاييره؛ إجراءاته؛ بالإضافة إلى كيفية استثمار وتوظيف نتائج هذا التقويم»
فعندما تكون الجهة التي تتولى التقويم تابعة للسلطة الوصية على التربية جهويا أو إقليميا أو وطنيا، نكون بصدد تقييم خارجي يتولاه أفراد غير معنيين مباشرة بأنشطة المؤسسة التربوية. أما إذا كانت الفِرَق أو الأفراد الذين يتولون عملية التقويم المؤسستي معنيين مباشرة بأنشطة المؤسسة، كرئيس المؤسسة أو الأساتذة أو التلاميذ أو أبائهم أو الشركاء، في هذه الحالة نكون بصدد تقويم داخلي للمؤسسة.
أما موضوع التقويم فيمثل في حالة التقويم المؤسستي: الوظائف والمهام المطلوبة من المؤسسة وهي إما أن تكون: · وظائف تربوية وتشمل: تقييم مهام التدريس والتعلم المتمثلة في تلقين المهارات والمعارف؛ والتنشئة الاجتماعية والمهنية. · وظائف إدارية وتضم: تقييم مستوى إدارة وتدبير الموارد البشرية والمادية؛ تقييم مستوى انفتاح المؤسسة وتواصلها مع محيطها.
أما فيما يخص معايير التقويم فتحددها عادة السلطة الوصية، ووظيفتها توفير إطار مرجعي دقيق لعملية التقويم، كما ترسم حدوده، وتحدد العناصر الإجرائية لما نريد تقييمه.
أما الإجراءات فتشمل مختلف مراحل عملية التقويم، وتشمل: عملية جمع المعطيات وطريقة تحليلها، وإعداد التقرير، وكذا تتبع عملية التقويم نفسها، أي تقييم الإجراءات المتبعة للتأكد من مدى احترامها للمعايير؛
أما استثمار نتائج تقرير التقويم فتشمل اتخاذ القرارات التعديلية وتؤول للمسئولين سواء كانوا محليين أو مركزيين.
3. التقويم المؤسستي و نماذج التغيير حسب ستافلبيم
هناك أربعة أصناف لقرارت التغير التي تتخذها الجهات الوصية، وتعقب سيرورة التقويم المؤسستي وهي:
صنف 1، قرارات التخطيط: نوع من القرارات التي تُتخذ على اثري تقويم السياق الذي تتم فيه العملية التعليمية وهو يحدد الأهداف المرجوة على مستوى المنظومة ككل.
صنف 2، قرارات بنيوية: تتخذ عقب تقويم المدخلات، غايتها تحديد الوسائل الكفيلة بتحقيق الأهداف التي وضعت إبان عملية التخطيط؛
صنف 3، قرارات المراجعة: نوع من القرارات التي تُتخذ على اثري تقويم مخرجات العملية التعليمية، وتهدف إلى مباركة الوضع القائم، أو توقيف المشروع، أو الاكتفاء بإدخال بعض التعديلات عليه، أو تغييره جذريا؛ ·
صنف 4، قرارات من اجل التطبيق: نوع من القرارات التي على ضوئها يتم تقويم السيرورة (processus) وتهدف إلى انتقاء أنجع السبل والخيارات التي يتمخض عنها التكييف والتحيين المستمر لخطط العمل التي وُضعت على اثري اتخاذ القرارات البنيوية.
وقصد استثمار المعلومات التي توفرها عملية التقويم المؤسستي يحدد دولا نتشير أيضا ثلاثة نماذج أساسية لاتخاذ المبادرة وصنع القرارات هي: أولا، نموذج تتميز خطواته بالحذر والتعقل (rationnel)، حيث يُؤخذ واقع الممارسة بعين الاعتبار، هذا النموذج لا يعول حصرا على المعلومات الكمية لكن يستحضر المعطيات النوعية والتي رغم ذاتيتها توفر أحيانا حلولا هامة مرجعيتها «معلومات آنية وطارئة، غير مبنية على أسس نظرية وعلمية، موسومة بالعفوية ومستقاة من الممارسة اليومية»؛ ثانيا، نموذج تنظيماتي (organisationnel) يغدو فيه التقويم عملية روتينية تساعد على توفير المعلومات اللازمة لتدبير وريادة المؤسسة التعليمية أو المنظومة ككل؛ ثالثا، نموذج سياسي-بيروقراطي (politico-bureaucratique): يمثل فيه التقويم أداة قد تُستثمر نتائجه أو لا تُُستثمر، وذالك تبعا لدوافع وحاجات توظيفية محددة، تمليها ظرفية سياسية معينة.
بقي أن نشير إلى أن هذه النماذج الثلاثة تتعايش وتتكامل فيما بينها لكن بنسب حضور تختلف من نموذج إلى آخر. في حين يحدد ستافلبيم ثلاثة نماذج للتغيير بغية تطوير وتنمية العملية التعليمية إن على مستوى المحلي أو المركزي وهي:
نموذج التغييرات المبرمجة أو المخطط لها: ويتناسب مع الوضعيات التي تتطلب تغييرا واسع النطاق، لكن تكون المعلومات المتوفرة لإحداثه غير كافية، هذا النموذج يتطلب انخراط العديد من الأطراف ويتم على مراحل ممتدة في الزمان؛
نموذج يقتضي إحداث تغييرات وتعديلات جزئية وطفيفة: بموجبه تكون الجهات الوصية غير متوفرة على معلومات كافية حول طبيعة ومستوى التغيير المطلوب، لذا تقدم على إحداث تغييرات طفيفة لا تختلف عن الوضع القائم إلا قليلا، حيث يتم التركيز على الحاجات الآنية والمشاكل الطارئة أكثر من التركيز على الاستراتجيات والأهداف البعيدة المدى؛
نموذج مثالي: حيث يكون التغيير المزمع إحداثه موسوما بالطموح والشمولية، مع توفر المعلومات الكافية لإنجازه، ويبقى هذا النموذج مثاليا لطابعه الجذري وندرة حدوثه. كخلاصة: في حالة التقويم الخارجي للمؤسسة التعليمية تختلف منهجية التقويم باختلاف الجهة المشرفة عليه؛ أما في حالة التقويم الداخلي للمؤسسة فعادة ما يتخذ التقويم شكلا قارا لأننا نكون أمام نفس الجهة (المؤسسة) والتي تعد مسئولا وحيدا على التقويم رغما تنوع المتدخلين.
4. نماذج التقويم المؤسستي لتدبير وريادة المؤسسات التربوية
حسب جيلبير دولانتشير لابد من سن نموذج منسجم يرسم كيفية اشتغال المنظومة التربوية، قصد تحديد عدد ونوع المؤشرات التي ستوظف للتقويم المؤسساتي، فاختيار النموذج يحدد والى حد كبير طبيعة وحجم المعلومات التي ستوفرها هذه المؤشرات. في هذا الصدد يمكن رصد عدة نماذج أشهرها النموذج: سياق؛ مدخلات؛ سيرورة، مخرجات؛ الذي يشابه النموذج المعتمد لتقويم منظومات التربية لدى بلدان منظمة التجارة والتنمية الاقتصادية ال:(OCDE). هذه المؤشرات التي يجب ترجمتها إلى متغيرات قابلة للقياس والتوصيف الدقيق، وتستند إلى معايير مرجعية، تؤدي عدة وظائف حسب الأستاذ محمد فاتحي: حيث «تمكن من إصدار أحكام موضوعية وصادقة، تهدف أساسا إلى تقييم الجودة في التربية والتكوين، كما تمثل أدوات وآليات تساعد الفاعلين وصناع القرار على ترشيد تدخلاتهم وتفعيلها، وتصلح لتوظيفها في التقويم الذاتي أو الخارجي للمؤسسة: إما عن طريق تقويم المؤسسات-الأقران؛ أو بواسطة لجان خارجية من المفتشين، كما تساعد على إعداد تقارير حول واقع وآفاق المؤسسات التعليمية، أو لإثارة نقاشات عامة حول التربية، كما توظف في البحث التربوي». «فمن اجل ريادة منظومة التربية وعرض نتائجها على الرأي العام ولفت الانتباه إلى مستوى أدائها، تحتل عملية جمع المعطيات، وحساب المؤشرات، إن على المستوى المحلي، الجهوي أو الوطني أهمية قصوى، هذه الإحصائيات التي لا يجب أن تقتصر فقط على الموارد أو مدخلات المنظومة فقط، بل تتعدى ذالك فتتناول الكيفية والطريقة التي تُوظف بها هذه الموارد (السيرورة) وكذا ما تنتج المؤسسة نوعا وكما» لهذه الأسباب تكتسي المؤشرات ولوحات القيادة أهمية قصوى في المساعدة على تدبير وريادة وتتبع وتقويم منظومة التربية والتكوين، كما تمكن المسئولين من اتخاذ قرارات التطوير والتعديل والإصلاح الضرورية. لهذا وجب أن يتم التقويم المؤسستي وفق نموذج يتميز بالشمول والدقة حسب R.R.Herriott(1979) يتناول كل هذه العناصر المتداخلة، وكمثال للمؤشرات التي تشمل هذه المجالات نتطرق فيما يلي للنموذج الذي تتبناه منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OCDE) والتي تصدر تقريرا سنويا حول منظومات التربية والتعليم للدول المنضوية تحتها، ما يساعدها في وضع مخططات التعديل والتدبير والريادة الجيدة للمنظومة. نورد فيما تلك التي تم التطرق إليها في تقرير(2009) تحث عنوان “نظرة على التربية”: ويتضمن مجموعة من المؤشرات وردت على شكل أسئلة يجيب محتوى التقرير عليها من خلال الإحصائيات والمقارنات، تتوزع على خمس فقرات هي:
الفقرة 1
مستويات التكوين ونسب التمدرس وتشمل المؤشرات التالية:
1) ما هي مستويات التكوين لدى الكبار؟ وما نسبة دوي الشهادات منهم؟
2) كيف يتم تطوير مستويات التعلم والتكوين؟
3) ما هي نسب التمدرس حسب الفئات في المجتمع؟
4) ما هي نسب وأعداد تلاميذ الثانوي الملتحقين بالتعليم العالي؛
5) ما هي نسب وأعداد الحاصلين على شواهد عليا؟
6) هل يستجيب التعليم العالي لحاجيات سوق الشغل؛
7) ما هي الفرص المتاحة أمام الطلبة للاندماج في سوق الشغل وما مدى توفقهم في الانتقال من مرحلة التكوين إلى مرحلة الشغل؟
8) ما هي نسب وأعداد الطلبة المغادرين لمتابعة تكوينهم بالخارج؛
9) ما هي الدول التي يلجأ إليها هؤلاء الطلبة لاستكمال تكوينهم؟
10) ما هي نسب وأعداد التلاميذ الذين يحققون أفضل النتائج والكفايات حسب روائز (PISA)؟
11) ما هي الانتماءات السوسيو-اقتصادي لأسر التلاميذ الذين يحققون أفضل النتائج والكفايات حسب روائز (PISA)؟ 12) ما هي اتجاهات ومواقف وحوافز التلاميذ الذين يحققون أفضل النتائج والكفايات حسب روائز (PISA)؟
الفقرة 2
المنافع الاقتصادية والاجتماعية للتربية: تشمل المؤشرات التالية:
1) ما هي المنافع المادية والمهنية (الراتب…) التي تخولها الشهادات العليا الممنوحة لحامليها؟
2) ما هي العلاقة بين مستويات التكوين لدى الأفراد وفرص حصولهم على شغل؟
3) ما هي دوافع الأفراد للاستثمار في التربية؟
4) ما طبيعة العوامل التي تدفع المجتمع ليستثمر في التربية؟
5) ما هي الفوائد الاجتماعية للتربية والتعليم؟
الفقرة 3
الاستثمار في التربية والإنفاق عليها: وتشمل المؤشرات التالية:
1) ما هي كلفة التمدرس للتلميذ/الطالب الواحد؟
2) هل كلفة تمدرس التلميذ/الطالب الواحد في تصاعد؟
3) ما هي نسبة النفقات المخصصة للتربية من الناتج الخام الداخلي؟
4) ما هي نسبة النفقات على التربية والتكوين من مجموع النفقات العامة للدولة؛
5) ما هو دور الاستثمارات والنفقات في التعليم الخصوصي؟ (مجالاتها، ونسبتها من الإنفاق العمومي على التربية)؛
6) ما كلفة الرسوم الدراسية على الطلبة في التعليم العالي؟
7) ما هي مجالات التي تتوزع عليها النفقات المخصصة للتربية والتكوين وما نسبة كل منها؟
8) ماذا تمثل التباينات في كثل أجور موظفي التربية والتكوين؟
الفقرة 4
البيئة المدرسية وتشمل:
1) ما عدد الساعات التي يقضيها التلاميذ في أقسامهم؟
2) ما هو متوسط عدد التلاميذ في القسم الواحد؟
3) ما هي أجور وأرباح المدرسين؟
4) ما عدد ساعات عمل المدرسين؟ ما هي بنية المدرسين؟
فقرة خاصة: (TALIS)
حول ظروف اشتغال رجال التعليم وحول بيئة التعليم والتلقين تمثل جديد تقرير ال:(OCDE) لسنة 2009 وشملت المتغيرات التالية:
- تعريف بالرائز TALIS ؛
- إلى أي حد يتم تقييم وتقويم أداء المدرسين؟
- كم من الوقت يتسبب في هدره عدم الانضباط داخل الأقسام؟
- ما هي الطرق التعليمية والبيداغوجية المتبعة من طرف المدرسين وما هي إستراتجياتهم في العمل والمواقف السائدة في أوساطهم حول المهنة والمبادئ التي يعتنقون في هذا الصدد؟
- ما هو مستوى رضا رجال ونساء التعليم على مهنتهم كمدرسين؟
للإجابة على هذه الأسئلة اعتمد التقرير مجموعة من المؤشرات الكمية والنوعية الخاصة بمنظومة كل دولة على حدة، وتم تصنيف وترتيب هذه البلدان حسب كل مؤشر من هذه المؤشرات مع الاحتكام إلى قيمة معيارية تمثل القيمة المتوسطية للمؤشر المعني. أيضا، حسب J.Magy تكمن أهمية المؤشرات المستعملة لتقييم أداء منظومة التربية والتكوين في كونها أضحت «مكسبا سيحتل مكانته إلى جانب المؤشرات المعتمدة في الميدان الاقتصادي، فتمثل بذلك أساسا لتحليل وتقييم السياسات الوطنية في مجال التربية والتعليم[…] كما تساعد على إحداث وتطوير هيئات متخصصة في التقويم والإحصاء ومعالجة المعطيات، وتطوير مؤسسات وهيئات وطنية لتدبير وريادة قطاع التربية والتعليم في البلدان التي لا تتوفر على ذالك» وللاستفادة من تجارب بعض البلدان على مستوى تقييم المؤسسات التعليمية نورد فيما يلي بعضا منها مع عقد مقارنات تحليلية نخلص من خلالها إلى استنتاجات نعتقد إمكانية الاستفادة منها على المستوى المنهجي، فيما يخص إرساء وتطوير سيرورة وطنية لتقويم منظومة التربية والتكوين. مع ملاحظة أننا لا ندعي الإحاطة بجميع خصائص هذه النماذج والتجارب بل نكتفي منها بما تتيحه ظروف إعداد هذه المقالة وبما يتقاطع معها .
5. نموذج: سياق – مدخلات – سيرورة – نواتج أو مخرجات
يمكن تحديد أربع مجالات لتقويم المؤسسات التعليمية يتضمن كل منها عددا من المؤشرات حسب ما يلي: ·
مؤشرات السياق-مدخلات وتشمل المتغيرات التالية:
- خصائص البيئة المحيطة بالمؤسسة: الوسط حضري أم قروي، المستوى السوسيو-اقتصادي للساكنة، الفرص المتاحة في ميدان التربية والتعليم؛
- خصائص التلاميذ: التي تشمل متغيرات التغذية والصحة، ومستوياتهم المعيشية، واللغة الأم، ومستوى الدعم الأسري للتلميذ، القيم والمواقف السائدة حول التعلم، والنتائج الدراسية السابقة للمتعلم؛
- البنية التحتية: من قبيل المبنى المدرسي، والفضاءات المتوفرة، ميزانية المؤسسة ووضعيتها المادية، مستوى تجهيز المختبرات، الوسائل التعليمية، ومستوى إدماج التكنولوجيات الحديثة؛
- خصائص الموارد البشرية العاملة بالمؤسسة: مستوى التأطير، القدرات التدبيرية والإدارية، مستويات التكوين لدى الموارد البشرية، القيم والقناعات السائدة في أوساطهم، مدى جودة التعلمات المعروضة، ومستوى التواصل مع الساكنة، ومحيط المؤسسة؛
- مستوى تكافؤ الفرص والتجانس لدى التلاميذ: من حيث النوع والانتماء الثقافي والعرقي، والقدرات التواصلية واللغوية، ومن حيث حاجاتهم التعليمية والتربوية.
مؤشرات متعلقة بسيرورة التلقين والتعلم ونجد فيها المتغيرات التالية:
- المنهاج والمقررات الدراسية التي تطبقها المؤسسة، من حيث المرامي والأهداف، ومن حيث التجانس الداخلي والخارجي، والطرائق البيداغوجية المستعملة لتلقين هذه المقررات؛
- نوعية العرض التربوي والتعليمي من حيث المنهجية، والوضوح ونوعية الأهداف، والإستراتجية المستعملة لتحقيقها، والتقويم الدراسي، والموارد، ومدى تفريد التعلمات والنجاعة في الأداء؛
- محتويات المقرارات: من حيث الأهمية والجدوى، وتحيينها باستمرار، ومن حيث التسلسل والتكامل فيما يخص وحداتها وفقراتها؛
- المناخ التربوي السائد: متمثلا في القيم والثقافة السائدة بالمؤسسة، مستوى التواصل والتفاعل بين العاملين، ومستوى الأمن، والتحديات الواجب تجاوزها،
- التلقين: الذي يشمل مستوى الالتزام والمسؤولية، التخطيط، التغذية الراجعة، الاستراتجيات المتبعة، المهارات، تدبير الزمن، التعاون؛
- مستوى التنظيم التربوي للفصول الدراسية. ·
مؤشرات متعلقة بمستوى التدبير والريادة: وتتضمن المتغيرات التالية:
- السياسة المتبعة لتحقيق الجودة؛
- القيادة والقدرات التدبيرية والإدارية؛
- مشروع المؤسسة ومدى شموليته؛
- مستوى التواصل الداخلي؛
- مستوى التنظيم التربوي والإداري،
- مستوى تدبير الموارد البشرية؛
- مستوى التواصل مع الساكنة ومحيط المؤسسة.
مؤشرات النواتج أو المخرجات: وتتضمن المتغيرات التالية:
- مستويات الأداء والانجاز في الامتحانات، نسب النجاح والانتقال، تقارير التقويم، ترتيب المؤسسة؛
- القيمة التربوية المضافة للمؤسسة؛
- قدرة المؤسسة على توظيف وإدماج طرائق وكفايات حديثة في التلقين؛
- القدرة على توظيف المهارات الاجتماعية، المستقاة من الحياة العادية؛
- مستوى رضا التلاميذ وأوليائهم والمؤسسات المستقبلة على أداء المؤسسة؛
- الوجْهات والمسارات التكوينية أو المهنية التي يقصدها التلاميذ المغادرون للمؤسسة؛
- مستويات الارتياد، والمشاركة.
6. التقويم المؤسستي: نماذج وتجارب بعض البلدان
النموذج الفرنسي
- تقييم المكتسبات؛
- تقييم السياسة التعليمية؛
- إنتاج وتوزيع أدوات التقويم.
كما يدل عدد التقارير السنوية التي تنجزها ال (DEP) على كثافة أنشطتها، حيث تتجاوز الخمسة تقارير رئيسية، تتناول بالتفصيل حالة منظومة التربية والتكوين؛ بالإضافة إلى منشورات حول التقويم المؤسستي، تستهدف إلى الرأي العام، فضلا عن إنتاج أدوات وآليات مقننة للتقويم. في السياق نفسه جاء مقترح Peretti (1986) بمجموعة من 125 مؤشرا، وُضعت رهن إشارة المؤسسات التعليمية قصد مساعدة رؤساءها على حسن تدبيرها وريادتها.
تتوزع هذا المؤشرات على خمس فئات هي:
- مؤشرات التنظيم؛
- مؤشرات السيرورة أو التسيير مؤشرات الأنشطة؛
- مؤشرات التواصل مع المحيط؛
- وأخيرا مؤشرات الاتساق أو الانسجام الداخلي؛
ويطابق كل فئة من هذه المؤشرات خمس مجالات يتم تقييمها؛ وابتداء من سنة 1986 أُدرجت هذه المجموعة من المؤشرات ضمن دورات لتكوين رؤساء المؤسسات؛ كما مثلث منطلقا لإثارة نقاشات بين هؤلاء الفاعلين وعقد مقارنات بين المؤسسات من حيث مردودها الداخلي والخارجي؛ أيضا حسب بيريتي يُفترض في هذه القائمة من المؤشرات أن «تمكن رؤساء المؤسسات والعاملين بها وبالتنسيق مع الآباء والتلاميذ من اختيار تلك التي تتلاءم وخصوصية المؤسسة، مع تحديد الموارد والجهود اللازمة لتحسين الوضعية» ، كما يقترح تقديم قدر من الخبرة والتكوين لمساعدة هذه المؤسسات على تقييم أدائها؛ في الأخير تُرسل تقارير تركيبية للجهات الوصية. ويوظف النموذج الفرنسي لتقييم أداء مؤسسات التعليم الثانوي ثلاثة مؤشرات رئيسية للنتائج هي:
- نسبة الحاصلين على شهادة البكالوريا؛
- نسبة الولوج إلى مستوى البكالوريا؛
- نسبة الحاصلين على البكالوريا من المغادرين للمؤسسة؛
ومن مستجدات حساب هذه المؤشرات للموسم الدراسي 2008/2009، نجد أن خصائص التلاميذ التي تؤخذ في الحسبان عادة تم التدقيق فيه أكثر، مع إثراء مؤشراتها التفسيرية، خاصة تحديد مستوياتهم الدراسية السابقة لولوج السلك الثانوي، وبما أن المسار الدراسي للتلميذ يتأثر بالوسط الذي ينتمي إليه، تم كذالك تعزيز وتدقيق المعطيات السوسيو-ديمغرافية لكل مؤسسة على حدة. هذه المؤشرات تحاول ما أمكن تقدير وقياس ولو بشكل تقريبي القيمة التربوية المضافة الخاصة بكل مؤسسة على حدة، قصد التركيز على المؤسسات التي تشكو نقصا في هذا المجال، للرفع من مستويات تدبيرها وريادتها، وتهدف الوزارة الوصية من خلال نشر هذه المؤشرات على الرأي العام سنويا، إلى عرض وتقديم حصيلة النتائج المتوصل إليها من طرف المؤسسات التربوية العمومية وتوفير مجموعة من الآليات للمشرفين عليها وكذا الأساتذة تساعدهم على تحسين ممارستهم والرفع من فعالية تدخلاتهم، مع تمكين هذه المؤسسات من تحديد موقعها وترتيبها ضمن المؤسسات الأخرى جهويا ووطنيا، وعقد المقارنات المفيدة في هذا السياق. في نفس السياق تؤكد جوليت فيرديير على دور التقييم المؤسستي في تحديد ما تسميه “المناطق ذات الأولوية التربوية” بغية التدخل لمعالجة اختلالاتها ونقاط الضعف بها «وفق مقاربة التمييز الايجابي (la discrimination positive)قصد الرفع من مؤشرات التمدرس لدى الشرائح الاجتماعية الأضعف[…] من خلال تعزيز وتوجيه الدعم التربوي إلى المناطق والأوساط المجتمعية التي تحتضن أعلى نسب الهذر والتعثر الدراسيين»
تجربة المملكة المتحدة
- التلاميذ؛
- مجلس تدبير المؤسسة؛
- الآباء؛
- المحيط الاجتماعي والاقتصادي للمؤسسة؛
- العاملين بالمؤسسة. ·
- المقررات: كيفي يتم إعدادها؟
- المراجع المساعدة على انجاز المقررات؛
- منهجية التنفيذ؛
- التقويم الدراسي؛
- مدى تكافؤ الفرص بين الجنسين؛
- التسهيلات المتخذة لفائدة دوي الاحتياجات الخاصة. ·
- التقييم الذاتي للأساتذة، وتكوينهم المستمر. ·
- أشكال اتخاذ المبادرة والتواصل داخل المؤسسة. ·
- البيئة الاجتماعية والاقتصادية المحيطة بالمؤسسة ·
- الموارد- الإحصائيات …
مقابل كل مجال من هذه المجالات تبنى مجموعة من الأسئلة، التي تهدف إلى تقييم الأداء والانجاز والتطبيقات المتعلقة بهذا المجال. وأشار Nattall إلى انه ومنذ أواخر السبعينات تم نشر 45 نسخة من هذه اللوائح، كما أن طرق ومستويات استفادة المؤسسات التعليمية من هذا التقييم الذاتي تختلف من مؤسسة إلى أخرى. لكن مشروع الشبكة (GRIDS) لتقييم أداء المؤسسات التعليمية بالمملكة المتحدة، حضي باهتمام اكبر وعرف انتشار أوسع، فهو يتألف من خمسة مراحل: مرحلة الإعداد: تتضمن خطة العمل، تقدير النفقات، اختيار المنسق. العاملون بالمؤسسة يحاطون علما بمنهجية التقييم المؤسستي، كما يتعين عليهم التعاون في هذا الصدد.
تقييم بدئي: توزع استمارة تتمحور حول أوجه القوة وأوجه الضعف في اشتغال المؤسسة، كما يراها العاملون بالمؤسسة، وتعبأ هذه الاستمارات دون ذكر الهوية. هؤلاء مدعوون لتقديم اقتراحات بالمجالات التي يجب أن تحضي بالأولوية في التقييم. وبعد نقاش يشارك فيه الجميع، حول نتائج الاستمارات يتم استخراج المجالات التي يتعين تقييمها.
التقييم الفعلي: يتم حصره في عدد قليل من المجالات حسب ترتيبها في المرحلة السابقة، فيعمل الفريق المشكل لهذا الغرض على تحديد نقاط قوة ونقاط ضعف الممارسات بهذه المجالات ويقدم رزمة من المقترحات للتغيير، وحدها المقترحات التي حظيت بالإجماع يحتفظ بها. مرحلة التطبيق: تحدد حاجات الموظفين من التكوين المستمر، كما يشرع في تلبية تلك الحاجات بالتنسيق مع السلطات الوصية التي تقدم المساعدات اللازمة. يجب أن تحظى هذه المرحلة بعناية وحزم خاصين حيث يتعين التأكد من مدى تحسن الوضعية من عدمه بعد تطبيق الحلول المقترحة، وما إذا كانت هناك صعوبات طارئة وغير منتظرة استجدت بعد تطبيق التعديلات والحلول الجديدة.
التقويم والتبني: تقارن الوضعية الجديدة التي نشأت بعد تطبيق المقترحات المتفق عليها، بالوضعية القديمة، بكل نزاهة ممكنة. بقي أن نشير إلى أن فلسفة المشروع هي تشجيع القائمين على المؤسسة والأساتذة، على الإحساس بالمسؤولية تجاه أدائها وتشجيعهم على التعامل بشفافية مع المستفيدين منها ومع محيطها. أيضا أسفرت تجربة الشبكة للتقييم حسب Nattall، عن: كون المؤسسات الابتدائية تهتم أكثر بالمشاكل البيداغوجية في حين تُولي الثانويات أهمية اكبر لمشاكل ترتبط بالتنظيم وتدبير المؤسسة. وقد أُدخلت تعديلات جديدة على شبكة التقييم بالمملكة المتحدة قصد جعلها أكثر توازنا وشمولية.
v النموذج الأمريكي (NAEP)
المؤسسة الوطنية لتقويم الأداء التربوي (NAEP) هيئة تُعنى بتقويم المكتسبات (المعارف والمهارات والمواقف) بهذا البلد، تأسست سنة 1969 تمثلت أهدافها في: جمع المعطيات والمعلومات حول مكتسبات ومستويات التحصيل لدى التلاميذ؛ قياس تطور هذه المكتسبات والمهارات باستمرار؛ تمرير روائز من حين لأخر؛ قياس مستويات تحصيل التلاميذ بخصوص انجازات أو سلوكيات محددة؛ تجميع المعطيات وتحليلها تم تحرير تقارير موجهة للرأي العام والسلطات التربوية؛ تشجيع البحث انطلاقا من المعطيات المجمعة؛ تأهيل وتأطير الهيئات والمصالح الجهوية والمحلية، المختصة في التقويم؛ تطوير التقنيات اللازمة لجمع وتحليل المعطيات. في سنة 1978 أصبح على رأس أهداف (NAEP): تقويم مكتسبات التلاميذ في مجالات: القراءة والرياضيات والتواصل؛ لدى فئات عمرية متنوعة؛ مع القيام بشكل دوري بانجاز تقارير حول التغيُّرات الملاحظة؛ ابتداء من سنة 1989 تم تحديد أهداف تربوية يجب تحقيقها في حدود سنة 2000 وتم تكوين لجنة لتتبع وتقويم ذالك، من خلال نشر تقارير سنوية حول التقدم المحرز من طرف المنظومة التربوية لتحقيق هذه الأهداف؛ المحاور الكبرى لهذا التقرير تتمثل في:
- التحصيل الدراسي والإجراءات المتخذة للتشجيع على التعلم؛
- نسب التلاميذ الذين يتمكنون من إكمال تمدرسهم بالسلك الثانوي حسب السن؛
- المردود الدراسي في الرياضيات والعلوم؛
- مهارات القراءة؛ حياة سليمة بعيدة عن المخدرات.
- تقرير سنة 1992 ركز على البعد الدولي حيث قورنت مستويات التحصيل الدراسي بالولايات المتحدة مع مثيلاتها لدول أخرى.
نموذج كندا في الكيبيك
ومنذ 1985، يُنشر تقرير يتضمن مجموعة من المؤشرات تتناول النقاط المثيرة للانتباه في أداء المنظومة التربوية، مصحوبة بالتأويل والاستثمار اللازمين، تدور فقراته حول: مسارات التعلم؛ نتائج الاختبارات الوطنية والدولية؛ مثل اختبارات (IEA)لتقييم المردود الدراسي؛ ومؤشرات أخرى تتعلق بالتمويل والإنفاق على التربية، ونسب دوي الشهادات؛ ونسب ووتيرة إدماجهم في سوق الشغل.
أما على صعيد كندا فتم تبني مشروع منذ 1988 هدفه توفير قاعدة معطيات تمكن السلطات الإقليمية من تقييم مستويات الانجاز في مقرراتها الدراسية، من خلال معايير ومرجعيات مقننة عل الصعيد الوطني؛ الفكرة الرئيسية للمشروع تتمثل في قياس مستوى تحقق الأهداف المرسومة كما ونوعا، من خلال ثلاثة قوائم من المؤشرات هي:
- مؤشرات المشاركة: وتستهدف تقدير مستوى استفادة التلاميذ من الإمكانات المتاحة أمامهم للتعلم؛
- مؤشرات التوقعات والانتظارات: تدور حول مستويات تحقيق أهداف المنظومة؛ وما مدى رضا الخريجين على العرض التربوي الذي تلقوه؟ ما هي متطلبات المجتمع من دوي الشهادات؛ إلى أي حد تستجيب المنظومة التربوية لإنتظارات المجتمع فيما يخص تعلم اللغة والرياضيات؟ ما هي المستويات اللغوية وفي الرياضيات التي تمثل الحد الكافي في رأي الطلبة الذي يمكّنهم من الاندماج بسهولة في سوق الشغل بعد التخرج.
- مؤشرات النتائج الدراسية: وتدور حول: تقدير مستوى التحكم لدى تلاميذ الفئة العمرية 13-16 في الأهداف الدراسية المقررة لهم؛ يتم في هذا الصدد تمرير روائز على الصعيد الوطني لتمكين كل إقليم من تحديد موقعه وطنيا، هذه الروائز تم تعميمها لتشمل قياس مستوى تحقق الأهداف في كل المعارف والمكتسبات .
تجربة زيلاندا الجديدة
عَنْ الموقع
يستفيد سنويا من منصتنا أكثر من 25 مليون زائر وزائرة من جميع الفئات العمرية .
تم الحرص في men-gov.com على 4 توابت اساسية :
ـ جودة المضامين المنشورة وصحتها في الموقع
ـ سلاسة تصفح الموقع والتنظيم الجيد من أجل الحصول على المعلومة دون عناء البحث
ـ التحديث المستمر للمضامين المنشورة ومواكبة جديد التطورات التي تطرأ على المنظومة التربوية
ـ اضافة ميزات وخدمات تعليمية متجددة
لمدة 3 سنوات قدمنا اكثر من 50000 مقالة وازيد من 00 ألف ملف من اجل تطوير دائم لمنصتنا يتناسب وتطلعاتكم, والقادم أجمل إن شاء الله.
⇐ المنصة من برمجة وتطوير men-gov.com وصيانة DesertiGO
⇐ يمكنك متابعتنا على وسائل التواصل الاجتماعي ليصلك جديدنا: اضغط هنا
À propos du site
Chaque année, notre plateforme profite à plus de 25 millions de visiteurs de tous âges.
Sur men-gov.com, nous avons pris en charge 4 principes:
Qualité et exactitude du contenu publié sur le site
Navigation fluide du site et bonne organisation afin d’obtenir des informations sans prendre la peine de chercher
Mise à jour continue du contenu publié et se tenir au courant des nouveaux développements du système éducatif
Ajout de fonctionnalités et de services éducatifs renouvelables
Depuis 3 ans, nous avons fourni plus de 50 000 articles et plus de 00 000 fichiers pour un développement permanent de notre plateforme qui correspond à vos aspirations, et le suivant est plus beau, si Dieu le veut.
⇐ Plateforme développée par DesertiGo et maintenue par men-gov.com
⇐ Vous pouvez nous suivre sur les réseaux sociaux pour recevoir nos actualités: cliquez ici