مدير المدرسة .. قائد تربوي

تاريخ النشر: 2015-03-30

المشاهدات: 563

بقلم راتب السعود
عوامل كثيرة تلك التي تحقق التميز المدرسي، وعوامل مثلها عددا، ولكنها مغايرة لها بالاتجاه، تلك التي تسهم فِي الفشل المدرسي. ويقع فِي رأس تلك العوامل «القيادة المدرسية». فإن قُيض للمدرسة مدير قائد، فقد توافر لها أهم أسباب النجاح والتميز. ذلك أن الناظر الى حال كثير من المدارس المتميزة، وفي مختلف أقطار العالم، يجد أن أحد الأسباب الرئيسة وراء تقدمها هو قيادتها المدرسية. أما المدارس المتهالكة والفاشلة، فإنها لم تنحدر الى مستوى الفشل إلا لافتقادها لهذه القيادة المدرسية الفاعلة.
واعتمادا عَلى هَذِهِ المسلمة، يأتي تركيزنا هنا عَلى مفهوم القيادة المدرسية، وتوضيح جوانب وماهية الشعار التربوي الذي تنطق به حناجر التربويين بلا استثناء، وهو أن «مدير المدرسة قائد تربوي». ذلك أننا نؤمن بأن المدرسة هي معقل التعليم الأول، وحجر الأساس فِي المنظومة التربوية. فإن صلحت، فقد صلح مَا بعدها من مؤسسات، وإن هي دفعت للمجتمع بخريجين أكفاء، فقد هانت مهمة مؤسسات التعليم التي تليها، والعكس بالعكس صحيح.
والقيادة المدرسية هي: مقدرة مدير المدرسة عَلى التأثير فِي سلوك العاملين فِي المدرسة، وفي مقدمتهم المعلمون، للعمل برغبة، من أجل تحقيق أهداف المدرسة. ويقوم عَلى القيادة المدرسية قائد تربوي تجاوز مرحلة الإدارة المدرسية؛ التي تعنى بتسيير شؤون المؤسسة التربوية تسييراً روتينيا، الى التأثير السحري فِي العاملين معه فِي المدرسة، بما يوفر لهم من فرص الإبداع والتطوير، وبالتالي تحقيق أهداف مدرستهم عَلى الوجه الأكمل. وعليه، فإن نجاح المدرسة فِي تحقيق أهدافها يتوقف عَلى قدرات القائد المدرسي التربوي، وخصائصه وإمكاناته فِي توجيه العمل، ورعاية المعلمين، ومساعدتهم.
ومن هنا فليس غريباً أن كثيراً من الدول قد اتجهت الى تطوير التعليم وتحديثه عن طريق التفكير فِي إيجاد قيادات مدرسية فاعلة ومدربة تدريباً يتناسب ومتطلبات العصر، ويتناغم مَعَ التطورات التكنولوجية والاجتماعية التي يشهدها العالم اليوم. وقد عمدت الأنظمة التربوية المتقدمة الى التأكيد عَلى ضرورة توافر مواصفات وقدرات أساسية لدى مدير المدرسة من حيث هو القائد التربوي فِي مدرسته، وهي استجابة موضوعية لمقتضيات العصر، لكي يستطيع القائد التربوي أن يمارس دوره القيادي فِي التأثير فِي الآخرين، وتوحيد جهودهم وحشد طاقاتهم واستثمارها من أجل تحقيق الأهداف التربوية فِي المدرسة.
قائد المدرسة الفعال
لقد طرأ تغير ملحوظ عَلى أدوار قائد المدرسة، بحيث أصبحت هَذِهِ الأدوار تشمل مَا يلي:
1. الدور الإداري التنفيذي (مدير تنفيذي): ويتضمن هذا الدور توفير الظروف المادية والعناصر البشرية اللازمة لتسيير العملية التربوية، كتوفير الأثاث والكتب ومتابعة التأخر والغياب والمحافظة عَلى سلامة المبنى المدرسي وغير ذلك.
2. الدور الفني الإشرافي (مشرف تربوي مقيم): ويتضمن هذا الدور قيادة عملية التجديد والتطوير للعملية التربوية فِي مدرسته، وحفز المعلمين وتشجيعهم عَلى الخلق والابتكار، وتوفير فرص النمو المهني لهم، وتحسين ممارساتهم التعليمية.
3. الدور الاجتماعي (ربط المدرسة بالمجتمع المحلي): ويتضمن هذا الدور إيجاد علاقة بين المدرسة والمنزل، مما يفتح مجالاً للتعاون بين المعلمين والآباء من جهة، وربط المدرسة بقادة المجتمع المحلي ومؤسساته المختلفة بحثاً عن تأثير متبادل بين المدرسة وهذا المجتمع المحلي من جهة أخرى.
عَلى إن هَذِهِ الادوار لن تتحقق بالدرجة الكافية إلا من خِلال مدير مدرسة فعال (القائد المدرسي)، والذي يمتاز بما يلي:
1. أنه يستخدم السلطة المخولة له ومكانته الاجتماعية فِي وضع أهداف إستراتيجية لمدرسته أو تطوير الأهداف التي حددها النظام التربوي لها، ومن ثُم يوجه البرنامج المدرسي كاملاً لتحقيقها.
2. أنه يمارس دوره من حيث هو قائد تعليمي فِي مدرسته، أي أنه يقوم بالإشراف المستمر عَلى معلمي مدرسته ويعمل عَلى تقديم أفضل خدمات تعليمية ممكنة، بصفته مشرفاً تربوياً مقيماً.
3. أنه يحسّن الممارسات التعليمية لمعلمي مدرسته داخل غرف صفوفهم، ويحاول إيجاد بيئة تعليمية مشجّعة وودية من خِلال القيام بما يلي:
أ. ضمان وقت أطول للتعليم.
ب. حماية الوقت التعليمي من خِلال التقليل مَا أمكن من وقت الإزعاج والتشويش عَلى الدروس من الخارج والحد من تأخر المعلمين أو الطلبة وتغيبهم عن الدروس.
ت. توزيع الطلبة عَلى الصفوف بشكل مدروس وعادل يضمن وجود مجموعات صفية متقاربة فِي قدراتها وميولها واتجاهاتها.
ث. تقديم كل التسهيلات الممكنة لمعلمي مدرسته من أجل استخدام الاستراتيجيات التدريسية الفعّالة فِي غرف صفوفهم.
4. أنه يوجد مُناخاَ مدرسياً ملائماً للمعلمين وحافزاً لهممهم ومثيراً لنشاطهم من خِلال:
أ. تغيير اتجاهات المعلمين السلبية وتعزيز اتجاهاتهم الإيجابية نحْو الطلبة وقدرتهم عَلى التعلم.
ب. بناء وتنمية توقعات عالية عند المعلمين ترى أن بمقدور الطلبة أن يتعلموا ويستوعبوا الأفكار التي تطرح عليهم وأن إنجازهم سيكون عالياً.
ت. إيجاد علاقات حسنة مَعَ المعلمين تقوم عَلى مبدأ الزمالة (Colleagiality).
ث. تنمية الشعور بالحرية لدى المعلمين كي يقدّموا مقترحاتهم ومساهماتهم لتطوير المدرسة وبرنامجها التعليمي، وليشعروا أنهم جزء من هَذِهِ المؤسسة، ويكون ذلك من خِلال انتهاج سياسة الباب المفتوح Open-door Policy)).
ج.مكافأة الإنجاز المتميز، وتثمين الجهد المتفوق لأي معلم.
5. أنه يكون عَلى علم ودراية بالأدب التربوي المتعلق بالفاعلية المدرسية (المعلم الفعال، مدير المدرسة الفعال، المدرسة الفعالة)، ويتوقع من معلمي مدرسته أن يلمّوا به ويتعرّفوا عَلى عناصره. وهذا يستدعي من المدير المتابعة المستمرة لمعلمي مدرسته فِي هذا المجال.
6. أنه يقيم علاقات حسنة بين مدرسته والمجتمع المحلي، فتعمل المدرسة عَلى تطوير المجتمع، مما يشجّع هذا المجتمع عَلى التعاون مَعَ المدرسة، ورفد نشاطاتها المدرسية، ودعم برامجها.
7. الرغبة فِي جعل مدرسته ذات سمعة وشهرة عاليتين.
8. السرعة فِي طرح المبادرات والأفكار الجديدة، والقدرة عَلى التعامل مَعَ الأحداث والمستجدات، وأقلمة المعلمين والطلبة للظروف الجديدة.
9. المعرفة الواسعة فِي مجال التعليم واستراتيجياته المختلفة والإدارة الصفية الفعالة.
10. الجرأة والأمن النفسي وعدم الخوف، مما يشجع عَلى الاحتكاك مَعَ أي شخص ومحاورته وتجريب أي فكرة تربوية جديدة تبدو مفيدة.
القيادة المدرسية وتنمية المعلمين
ويبقى الدور الأهم والمحوري الذي يتعين عَلى قائد المدرسة القيام به هو الدور التعليمي والتربوي للتلامذة. عَلى إن نجاح المدرسة فِي تقديم عملية تعلمية تعليمية ذات نوعية متميزة، يتوقف عَلى توافر مجموعة من العوامل، ومن أهمها توافر المعلم الكفء، الذي يمتلك الكفايات التعليمية الأساسية، ويتصف بالخصائص الشخصية والاجتماعية المتميزة، التي تساعده عَلى إكساب طلبته الخبرات المتنوعة، والعمل عَلى تهذيب شخصياتهم، وتوسيع مفاهيمهم، وتعميق مداركهم، وتنمية أساليب التفكير الناقد والإبداعي لديهم.
إن المعلم المتميز Differentiated Teacher هو حجر الزاوية فِي إيجاد منظومة تربوية متميزة، ومستوى تعليمي فعال، مثلما هو عنصر أساسي فِي تطبيق نظام الجودة فِي التعليم، وبالتالي إيجاد مخرج تعليمي طلابي متميز. عَلى أن تحقيق هَذِهِ الأهداف يتطلب تحديد معايير لجودة أداء المعلم، والسعي لامتلاكه الكفايات التعليمية اللازمة، التي تجعله قادرا عَلى تنفيذ هَذِهِ المعايير، وتطبيقها فِي أدائه لعمله.
ويقصد بمعايير المعلم جميع المعارف التي ينبغي أن يعرفها المعلم، والاتجاهات التي يجب أن يحملها، والمهارات التي يجب أن يتقنها، فِي عمله المهني، وتتضمن هَذِهِ المعايير جميع الكفايات التي يجب أن تتوافر فِي المعلم، ذلك أنه العنصر الرئيس فِي العملية التعليمية، وهو المسؤول عن تنفيذ المناهج الدراسية، وتوفير بيئة صفية ودية وآمنة، فضلاً عن كونه المثال الأخلاقي والقدوة السلوكية لطلبته، فِي جميع ممارساته وأفعاله. وتستخدم معايير المعلم كإطار مرجعي لرفع مستوى أداء المعلم، وزيادة فاعليته فِي أداء مهامه وممارساته المتعددة، والتي نعتقد بأن للقيادة المدرسية الفاعلة دورا رئيساً فِي الإحاطة بها. وتشتمل معايير المعلم عَلى المعايير الثمانية الرئيسة الآتية: معايير فهم أسس التربية والتعليم، ومعايير المعرفة الأكاديمية والبيداغوجية الخاصة، ومعايير التخطيط للتدريس، ومعايير تنفيذ التدريس، ومعايير الإدارة الصفية، ومعايير تقييم تعلم الطلبة، ومعايير التنمية المهنية والتطوير الذاتي، ومعايير أخلاقيات مهنة التعليم.

عَنْ الموقع

men-gov.com منصة مستقلة شاملة وحديثة تواكب كل مواضيع التدريس والتوجيه والتعليم وكذا اعلانات الوظائف بالمغرب,وتضمن كذلك مجموعة من الخدمات والوسائل التعليمية التربوية التي تبسط وتشرح الأشياء التي يحتاجها التلميذ والطالب و الأستاذ والمدير والباحث عن فرص الشغل سواء كت تابعة لمؤسسات الدولة اوغير تابعة لها ، وتجدر الاشارة الى ان هَذِهِ المنصة لا تمت باي صلة لوزارة التربية الوَطَنَية والتكوين المهني والبحث العلمي واي مؤسسة وطنية اخرى.
يستفيد سنويا من منصتنا أكثر من 25 مليون زائر وزائرة من جميع الفئات العمرية .
تم الحرص فِي men-gov.com عَلى 4 توابت اساسية :
ـ جودة المضامين المنشورة وصحتها فِي الموقع
ـ سلاسة تصفح الموقع والتنظيم الجيد من أجل الحصول عَلى المعلومة دون عناء البحث
ـ التحديث المستمر للمضامين المنشورة ومواكبة جديد التطورات التي تطرأ عَلى المنظومة التربوية
ـ اضافة ميزات وخدمات تعليمية متجددة
لمدة 3 سنوات قدمنا اكثر من 50000 مقالة وازيد من 00 ألف ملف من اجل تطوير دائم لمنصتنا يتناسب وتطلعاتكم, والقادم أجمل إن شاء الله.
⇐ المنصة من برمجة وتطوير men-gov.com وصيانة DesertiGO
⇐ يمكنك متابعتنا عَلى وسائل التواصل الاجتماعي ليصلك جديدنا: اضغط هنا

À propos du site

men-gov.com est une plate-forme indépendante complète et moderne qui suit le rythme de tous les sujets d’enseignement, d’orientation et d’éducation, ainsi que des offres d’emploi au Maroc, et comprend également un ensemble de services et de méthodes éducatives qui simplifient et expliquent les choses qui répondent aux besoins de l’étudiant, du professeur, du directeur et du chercheur d’emploi, privé ou public, Il est à noter que cette plateforme n’est pas reliée au ministère de l’Éducation nationale, et de la Formation professionnelle et de la Recherche scientifique, et à tout autre institution.
Chaque année, notre plateforme profite à plus de 25 millions de visiteurs de tous âges.
Sur men-gov.com, nous avons pris en charge 4 principes:
Qualité et exactitude du contenu publié sur le site
Navigation fluide du site et bonne organisation afin d’obtenir des informations sans prendre la peine de chercher
Mise à jour continue du contenu publié et se tenir au courant des nouveaux développements du système éducatif
Ajout de fonctionnalités et de services éducatifs renouvelables
Depuis 3 ans, nous avons fourni plus de 50 000 articles et plus de 00 000 fichiers pour un développement permanent de notre plateforme qui correspond à vos aspirations, et le suivant est plus beau, si Dieu le veut.
⇐ Plateforme développée par DesertiGo et maintenue par men-gov.com
⇐ Vous pouvez nous suivre sur les réseaux sociaux pour recevoir nos actualités: cliquez ici

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *