ملخص درس تنظيم المجال العالمي في إِطارِ العولمة مادة الجغرافيا باك آداب و علوم إنسانية

تمهيد إشكالي:

يتميز تنظيم المجال العالمي فِي إِطَارِ العولمة بهيمنة دول الشمال (المتقدمة) عَلَى دول الجنوب (النامية) الَّتِي تتأرجح بَيْنَ المجالات المندمجة والمجالات المتخلفة عَنْ مسايرة العولمة، وسيزداد التباين فِي إِطَارِ العولمة بَيْنَ المجالات المهيمنة والمجالات المندمجة والمجالات المتخلفة عَنْ الاندماج فِي مختلف الميادين.
  • فما هو واقع تنظيم المجال العالمي وتفاوتاته ومعايير تصنيفه فِي إِطَارِ العولمة؟
  • وما هِيَ أهَمُ الترابطات بَيْنَ مختلف المجالات العالمية وانعكاساتها؟

 – واقع تنظيم المجال العالمي وتفاوتاته ومعايير تصنيفه فِي إِطَارِ العولمة:

1 – واقع تنظيم المجال العالمي:

ينتظم المجال العالمي فِي إِطَارِ العولمة حول المجالات التالية:
أ – المجالات المهيمنة: تَتَكَوَّنُ من دول الثالوث الغنية (الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوربي، واليابان)، حَيْتُ يمارس هَذَا الثالوث هيمنة مالية وصناعية وتجارية وثقافية عَلَى المجالات الأخرى:
  • الهيمنة المالية: تَتَجَلَّى مظاهر الهيمنة المالية فِي اعتماد “الدولار” و”الأورو” عملات رئيسية فِي المعاملات الدولية والاستحواذ عَلَى 72% من الناتج الوطني الخام، علاوة عَلَى التحكم فِي بورصات القيم الدولية كبورصة نيويورك، وبورصة طوكيو، وبورصة باريس، إضافة إِلَى الاستحواذ عَلَى 90% من المعاملات المالية الدولية.
  • الهيمنة الصناعية: تَتَمَثَلُ فِي احتكار دول الثالوث للصناعات الإِِلِكْترُونِيَّة الدقيقة، والاستحواذ عَلَى 85% من الإنتاج الصناعي العالمي، ناهيك عَنْ فتح فروع للشركات متعددة الجنسيات فِي مختلف أنحاء العالم.
  • الهيمنة التجارية: تَتَمَثَلُ فِي احتكار دول الثالوث ل 86% من المبادلات التجارية الدولية، واعتمادها عَلَى تصدير المواد عالية القيمة، واستيراد مواد أولية ذات قيمة إضافية منخفضة، مِمَّا ينعكس إيجابا عَلَى وضعية الميزان التجاري لِهَذِهِ الدول.
  • الهيمنة الثقافية: تَتَمَثَلُ فِي تحكمها فِي وسائل الإعلام المختلفة (الإنترنت، القنوات الفضائية …) الَّتِي تساهم فِي نشر الثقافة الغربية.
ونتيجة لذلك، فدول الثالوث الغنية (الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوربي، واليابان) تتوفر عَلَى مؤشرات عالية بخصوص الوضعية الاجتماعية للسكان، فنسبة التمدرس تصل ببعض الدول إِلَى 99% كالولايات المتحدة الأمريكية وكندا والنرويج …، كَمَا أن نسبة البحث العلمي مرتفعة، حَيْتُ وَصَلَتْ باليابان 3.1%، وتجاوز معدل الدخل الفردي 33220 دولار للفرد فِي السنة بدول أمريكا الشمالية.
ب – المجالات المندمجة: تتميز باندماجها فِي العولمة، وتتكون من الدول التالية:
  • دول مُسْتَقِلَّة فِي بناء نهضتها الاقتصادية: تَتَكَوَّنُ من الدول الصناعية الجديدة فِي آسيا وأمريكا، يرتكز اقتصادها أساسا عَلَى تصنيع المواد الأولية، وَعَلَى تصدير مواد إلكترونية دقيقة، وتتميز بقدرتها عَلَى استقطاب الاستثمارات الأجنبية، كَمَا تتوفر عَلَى شركات تجارية عالمية، وترتبط بعلاقات متوازنة نسبيا مَعَ المجالات المهيمنة، وَعَلَى المُسْتَوَى الاجتماعي تتوفر عَلَى مؤشرات عالية بخصوص التنمية البشرية، معدل الدخل الفردي مثلا يصل إِلَى أزيد من 23000 دولار للفرد فِي السنة.
  • دول خاضعة لتأثير الدول الكبرى: تضم الدول البترولية، ورابطة الدول المستقلة، وبعض الدول النامية، فالدول البترولية يَعْتَمِدُ اقتصادها أساسا عَلَى تصدير المواد التكريرية، وتتوفر عَلَى مؤشرات مرتفعة فِي مؤشر التنمية البشرية، حَيْتُ وصل بالمملكة العربية السعودية مثلا 0.83 سنة 2006م، أَمَّا برابطة الدول المستقلة فبلدانها اشتراكية، فهي بصدد بناء اقتصادها عَلَى النمط الأوربي، إلَّا أن مساهمتها فِي نظام العولمة يبقى ضعيف (مساهمتها فِي التجارة الدولية لَا تتجاوز 3%، وَلَا تستقطب إلَّا 7.3% من الاستثمارات الدولية)، وبالدول النامية فهي ذات نمو اقتصادي متوسط يَعْتَمِدُ عَلَى الصناعات الاستهلاكية، ومبادلاتها التجارية غير متكافئة مَعَ المجالات المهيمنة، وتعاني من ثقل المديونية الخارجية، وَهِيَ بلدان تقدمت فِي انخراطها فِي نظام العولمة لكنها تواجه عدة صعوبات، كَمَا أن أوضاعها الاجتماعية متدهورة، خاصة عِنْدَمَا يَتَعَلَّقُ الأمر بالوضعية التعليمية والصحية ومعدل الدخل الفردي…
ج – المجالات فِي طور الاندماج: تَتَكَوَّنُ عَلَى الخصوص من الدول الفقيرة معظمها بإفريقيا جنوب الصحراء، وَهِيَ بلدان تتلقى آثار العولمة دون تنمية نسبة مساهمتها فِي التجارة الدولية 0.7%، أَمَّا نسبة الاستثمارات الوافدة عَلَيْهَا فَلَا تتجاوز 1.6%، ويقتصر نشاطها الاقتصادي عَلَى تصدير المواد الأولية، ويعاني ميزانها التجاري من عجز کَبِير بِسَبَبِ ثقل المديونية، أَمَّا أوضاعها الاجتماعية فتتميز بالتدهور الكبير خاصة وَأَن معدل الدخل الفردي لَا يتجاوز فِي أحسن الأحوال 1000 دولار للفرد فِي السنة.

2 – معايير تنظيم المجال العالمي فِي إِطَارِ العولمة:

مِنْ أَهَمِّ المعايير المعتمدة فِي تصنيف المجال العالمي، نذكر:
  • معدل الدخل الفردي: مَكَّنَ حساب هَذَا المؤشر من التمييز بَيْنَ مجموعة من البلدان، فالدول الغنية هِيَ الَّتِي يتجاوز فِيهَا معدل الدخل الفردي أكثر من 20000 دولار للفرد فِي السنة من بينها دول الثالوث، ثُمَّ هُنَاكَ الدول النامية ذات الدخل الفردي المتوسط وَالَّذِي يتراوح بَيْنَ 10 و20000 دولار، مثل: المغرب، السعودية، وجنوب إفريقيا، وأخيرا الدول الفقيرة الَّتِي يقل فِيهَا المعدل عَنْ 1000 دولار للفرد فِي السنة كإثيوبيا.
  • مؤشر التنمية البشرية: يمكن أن نميز فِي هَذَا المؤشر مَا بَيْنَ دول ذات مؤشر مرتفع يتجاوز 0.8 من أهمها دول الثالوث، ودول ذات مؤشر متوسط يتراوح مَا بَيْنَ 0.5 و0.7 من بينها المغرب البرازيل السعودية، وأخيرا دول ذات مؤشر ضعيف يقل عَنْ 0.5 من بينها دول افر يقيا جنوب الصحراء.
  • التحالفات السياسية: وفق هَذَا المعيار أَصْبَحَ المجال العالمي ينتظم حول مجموعة من التحالفات السياسية، مِنْهَا منظمة الجامعة العربية، منظمة الدول الأمريكية، منظمة الحلف الأطلنتي، منظمة آسيان، منظمة الاتحاد الإفريقي …

 – الترابطات بَيْنَ مختلف المجالات العالمية وانعكاساتها:

1 – الترابطات البشرية:

تساهم التدفقات البشرية فِي تنظيم المجال العالمي، ومن أهَمُ هَذِهِ التدفقات نجد:
  • الهجرات الدولية: أثرت الهجرات الدولية عَلَى ترابط المجال العالمي وأصبحنا نميز بَيْنَ أقطاب مرسلة للهجرة من أهمها بلدان العالم الثالث، وأقطاب مستقبلة للهجرة من أهمها دول الثالوث الغنية، وتتخذ الهجرة بَيْنَ تلك الأقطاب عدة أشكال من أبرزها: الهجرة السرية، وهجرة الموميسات، وهجرة الأدمغة.
  • السياحة الدولية: تساهم السياحة الدولية هِيَ الأخرى فِي خلق روابط بَيْنَ مختلف مجالات العالم، وتشكل مناطق الثالوث الغنية أهَمُ الأقطاب المرسلة للسياح، فِي حين تزدهر السياحة الشاطئية والسياحة الثقافية بعدة مناطق أخرى كالمجال المتوسطي وجنوب شرق آسيا.

2 – الترابطات الاقتصادية (تجارية، مالية، تكنولوجية، غذائية):

  • الترابطات التجارية: تَتَمَثَلُ الترابطات التجارية بالأساس فِي حاجة دول الثالوث للمواد الأولية والطاقية الَّتِي تنتجها الدول النامية، فِي المقابل حاجة هَذِهِ الأخيرة للمنتجات عالية التكنولوجيا الَّتِي تنفرد المجالات المهيمنة فِي إنتاجها، وهكذا تساهم هَذِهِ الوضعية فِي خلق روابط بَيْنَ مختلف مناطق العالم مَعَ هيمنة كبيرة للأقطاب الاقتصادية الثلاثة.
  • الترابطات المالية: تَتَمَثَلُ فِي المساعدات المالية والقروض وخدمات الدين والإيداعات الَّتِي تقدم لعدة دول فِي العالم مِنْ طَرَفِ المؤسسات الدولية.
  • الترابطات التكنولوجية: تَتَمَثَلُ فِي انقسام العالم إِلَى قسمين، عالم متقدم ينتج التكنولوجيا وعالم متخلف مستهلك لَهَا.
  • الترابطات الغذائية: تَتَمَثَلُ فِي حاجة العالم النامي للمواد الغذائية الأساسية، وحاجة العالم المتقدم للمنتجات الغذائية المدارية.

3 – دور الشركات العالمية والمنظمات الدولية فِي خلق روابط بَيْنَ المجالات العالمية:

تساهم الشركات متعددة الجنسيات فِي تنظيم المجال العالمي، وَهِيَ شركات يفوق رقم معاملاتها الدخل الوطني الخام لبعض الدول، وتستغل نفوذها الاقتصادي لِإِبْرَازِ مكانتها العالمية، كَمَا تساهم المنظمات العالمية هِيَ الأخرى فِي خلق روابط بَيْنَ مختلف مناطق العالم، ومن بينها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية والمنظمة العالمية للتجارة وصندوق النقد الدَّوْلِي، وكلها منظمات ساهمت فِي خلق تَغْيير جذري للاقتصاد العالمي، فالتدخلات المالية لصندوق النقد الدَّوْلِي مثلا  كَانَت تتحدد دائما من معايير جيو سياسية وجيو اقتصادية، ومكنتها أزمة تمويل البلدان النامية من فرض شروط التقويم الهيكلي.

4 – الانعكاسات المترتبة عَنْ اختلال التوازن بَيْنَ المجالات العالمية:

مِنْ أَهَمِّ الانعكاسات المترتبة عَنْ اختلال التوازن بَيْنَ المجالات العالمية تفاقم التباين بَيْنَ الشمال والجنوب: حَيْتُ نجد 80% من ساكنة العالم بالجنوب، وَلَا تتحكم إلَّا فِي 20% من خيراته، و20% من ساكنة العالم بالشمال تتحكم فِي 80% من ثرواته، ويتزايد عدد سكان الجنوب وتزداد مشاكلهم، فِي الوقت الَّذِي يتراجع فِيهِ عدد سكان الشمال بفعل الشيخوخة، وتضع دوله قوانين صارمة ضد الهجرة، وتدعو للعولمة أي حرية تنقل البضائع والرساميل، لَا حرية تنقل الأشخاص.

خاتمة:

رغم مَا يهدف إِلَيْهِ مؤشر التنمية البشرية لبرنامج الأمم المتحدة، وتجليات تدارك التأخر، فإن الاتجاه فِي ظل العولمة يميل نَحْوَ اتساع الفوارق بَيْنَ الشمال والجنوب.

مشاهدة وتحميل جميع ملخصات و دروس الاجتماعيات: التاريخ والجغرافيا بكالوريا آداب وعلوم إنسانية 2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *