منهجية تحليل نص نقدي : المنهج الاجتماعي مقاربة الواقع في القصة القصيرة المغربيّة، نجيب العوفي
منهجية تحليل نص نقدي: المنهج الاجتماعي
مقاربة الواقع فِي القصة القصيرة المغربيّة،نجيب العوفي
للسنة الثَّـانِيَة من سلك الباكلوريا – مسلك الآداب والعلوم الإنسانية
تولّد عَنْ المنهج التاريخي، وقام
عَلَى فكرة أساسية مفادها أن الأدب تعبير عَنْ الوعي الاجتماعي، وعن الواقع
وإشكالياته، وقضاياه. وَقَد ساهمت مجموعة من الروافد الفكرية والفلسفية فِي
انبثاق هَذَا المنهج، أهَمُّها: الفلسفة المادية، الَّتِي اعتبرت الحقيقة وليدة التجربة
الحسية، والواقعية الاشتراكية الَّتِي نادى بِهَا كارل ماركس وأتباعه، وَالَّتِي تأسست عَلَى
مقولة الصراع الطبقي، فَضْلًا عَنْ علم الاجتماع الَّذِي يهتم بخصائص المجتمعات البشرية
وعلاقاتها. وَقَد تبنّى هَذَا المنهج عدة نقاد غربيين من أمثال مدام دوستايل، وإسكاربيت، وغولدمان، ولوكاتش، وبيير زيما. أَمَّا من النقاد العرب فيمكن أن
نذكر: محمود أمين العالم،
وصلاح فضل، وإدريس الناقوري، وأحمد المديني، وطبعاً، نجيب العوفي صاحب هَذَا النص
الَّذِي يحمل عنوان “مقاربة
الواقع فِي القصة القصيرة المغربيّة”.
والمفاهيم المؤطرة لَهَا؟ وما هِيَ المنهجية المتبعة، والأساليب الحجاجية المعتمدة فِي
معالجتها؟ وإلى أي حدّ استطاع الناقد أن يقيم علاقة بَيْنَ الأدب والواقع مِنْ خِلَالِ
تطبيقه للمنهج الاجتماعي فِي دراسته للقصة القصيرة المغربية؟
أساسية مفادها أن هُنَاكَ علاقة تلازمية بَيْنَ تطور الأشكال الأدبية، والتطورات
والتحولات الاجتماعية. وينطبق هَذَا عَلَى الأدب
المغربي الَّذِي ارتبط ظهور القصة القصيرة فِيهِ فِي منتصف الأربعينيات من القرن العشرين
بالبورجوازية الصغيرة، كَمَا ارتبط ظهور الرواية الأوروبية بظهور البورجوازية
الأوروبية.
الأحداث والتفاعلات الاجتماعية الَّتِي عرفها المَغْرِب مُنْذُ سنوات الاستعمار إِلَى سنوات
الاستقلال.
والقصة القصيرة بخاصة هُوَ تحديد مسقط الرأس، أي البحث عَنْ هوية وأصول وبدايات هَذَا
الفن الأدبي، مِنْ خِلَالِ رصد تفاعلاته مَعَ التراث وَمَعَ القصة القصيرة الغربية، هَذَا
السؤال الملحّ اعتبره الناقد انعكاساً لسؤال اجتماعي ناءِ بثقله عَلَى ضمير
البورجوازية المغربية الصغيرة، وَهُوَ البحث عَنْ الهوية قصد استيعاب الواقع الراهن
واستشراف مستقبل مغاير للماضي، ولعلّ هَذَا مَا يجعل هَذِهِ الفئة – خاصة المستنيرة مِنْهَا
– تخوض تجربة سيزيفية (نسبة إِلَى سيزيف رمز العذاب فِي الأسطورة الإغريقية)، بَعْدَ أَنْ
فشلت فِي تشخيص التجربة البروميثوسية (نسبة إِلَى بروميثيوس رمز التضحية فِي هَذِهِ
الأسطورة).
ينتمي بعضها للحقل الاجتماعي- التاريخي، وبعضها الآخر للحقل الأدبي. فالبنسبة للحقل الأول يمكن تحديد مصطلحاته
ومفاهيمه، مَعَ بيان دلالاتها فِي الجدول الآتي:
المصطلحات
والمفاهيم الاجتماعية – التاريخيّة |
دلالاتها
|
البنى والأشكال الاجتماعية
|
يقصد بِهَا مختلف الفئات والطبقات المشكلة للمجتمع، وَالَّتِي تشكل كل مِنْهَا
طبقة متجانسة متداخلة المصالح موحدة الطموحات والأهداف. |
التفاعلات الاجتماعية
|
كل مَا يعتري المجتمع من أحداث ووقائع تاريخية وسياسية واجتماعية تتداخل
فِيمَا بينها لتؤثر عَلَى تطور المجتمع وتحولاته. |
التفاعلات الإيديولوجية
|
الإيديولوجيا هِيَ مجموعة من الأفكار والميولات والتطلعات الَّتِي توجه أعمال
طبقة اجتماعية معينة، وتجعلها تدافع مِنْ خِلَالِهَا عَنْ مشروعيتها وهويتها، وبتفاعل مختلف إيديولوجيات الطبقات الاجتماعية، تتشكل التطورات والأحداث التاريخية والاجتماعية. |
المجرى السوسيو- ثقافي
|
يقصد بِهِ تداخل وتقاطع البنيات الثقافية للمجتمع مَعَ البنيات الاجتماعية،
قصد توجيه التطورات والتفاعلات الَّتِي تعتري المجتمع. |
البورجوازية
|
طبقة اجتماعية متوسطة من سكان المدن، وَمِنْ أصحاب التجارة والمهن الحرة.
ازدهرت فِي القرن التاسع عشر بأوروبا، وَكَانَت السبب الرئيس فِي ظهور النظام الرأسمالي الَّذِي وضع نهاية للنظام الإقطاعي السابق. وَقَد دخل هَذَا المصطلح إِلَى الثقافة العربية فِي العقد الثالث من القرن العشرين، وأصبح يَعْنِي، بالإِضَافَةِ إِلَى الفئة السابقة، فئة المثقفين الواعين والمتنورين. |
الأنتلجنسيا
|
مصطلح أطلقه الروس عَلَى المثقفين قبل ثورة 1917. والشيوعيون يستخدمونه الآن لوصف الطبقات المثقفة
البورجوازية فِي الدول الرأسمالية. |
الأربعينيات من القرن العشرين
|
دلّت فِي سياق النصّ عَلَى حقبة زمنية من تَارِيخ المَغْرِب، اشتدت فِيهَا المقاومة
ضد الاستعمار الفرنسي، وأهمها مَا عرف فِي التَارِيخ المغربي بثورة الملك والشعب، وتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال. |
سنوات الاستعمار
|
المقصود بِهَا السنوات الَّتِي استعمر فِيهَا الفرنسيون المَغْرِب، وَالَّتِي امتدت من
سنة 1912 إِلَى 1956. |
سنوات الاستقلال
|
هِيَ الحقبة التاريخية الَّتِي حصل فِيهَا المَغْرِب عَلَى استقلاله، أي سنة 1956 وما بعدها.
|
الفئة الواعية المستنيرة
|
الطبقة المثقفة الَّتِي كَانَت تنطق باسم البورجوازية الصغيرة، وَالَّتِي ظلّت
تنادي بالاستقلال والتغيير. |
أمّا بِالنِسْبَةِ للحقل الثاني، فنعرض مصطلحاته ومفاهيمه، والدلالات الكرتبطة
بِهَا فِي الجدول الآتي:
المصطلحات
والمفاهيم الأدبية |
دلالاتها
|
التفاعلات الشكلية والبنيوية
|
يقصد بالشكل والبنية نظام التحولات والتفاعلات الَّذِي يُوَجِّهُ عناصر متآلفة
ضمن نسق محدّد، بِحَيْثُ إن كلّ تَغْيير يمسّ عنصرا من العناصر يؤثّر عَلَى النسق أَوْ البنية ككل، وهكذا يمكن اعتبار بنية القصة القصيرة مثلا نظاما من التفاعلات الَّتِي تربط كل عناصرها من أحداث وشخصيات وحبكة وزمان ومكان … إلخ. |
القصة القصيرة
|
جنس أدبي ينتمي إِلَى نمط السّرد، ويتسم بقصره، واعتماده عَلَى: وحدة الأثر
والانطباع، ووحدة الحدث، واتساق التصميم… |
المدرسة الحديثة
|
يقصد بِهَا فِي النص، الحركة التجديدية الَّتِي عرفها الأدب العربي، مَعَ بداية
القرن العشرين خاصة فِيمَا يَتَعَلَّقُ بظهور أشكال أدبية جديدة كالرواية والقصة القصيرة… |
ملحمة بورجوازية
|
الملحمة جنس أدبي قديم يَعْتَمِدُ عَلَى السرد الشعري لوقائع تاريخية وأسطورية،
وتتسم بطولها وتعدد أحداثها وشخصياتها، وَمِنْ أشهر الملاحم، نذكر الملحمتين اليونانيتين: الإلياذة والأوديسة. وَلَكِن المقصود بالملحمة البورجوازية هُنَا هُوَ التعبير عَنْ بطولات ونضالات وتطلعات البورجوازية الأوروبية مِنْ خِلَالِ الرواية الَّتِي اعتبرت الوريث الشرعي للملاحم القديمة. |
والعلاقة بَيْنَ الحقل الاجتماعي –
التاريخي، والحقل الأدبي هِيَ علاقة تلازم وتشارط بِحَيْثُ يؤكد الناقد أن البنى والأشكال والتفاعلات
الاجتماعية والتاريخية، هِيَ الَّتِي توجه، وتؤثر عَلَى البنى والأشكال الأدبية، بَلْ إن
القصة القصيرة – فِي نظره – فِي الأدب العربي عموما، والأدب المغربي خاصة، ظهرت
لتعبر عَنْ حالة التشتت الَّتِي عرفها المجتمع العربي خِلَالَ سنوات الاستعمار، وَكَانَت
الشكل الملائم والمطابق لِهَذَا التشتت، والتعبير عَنْ تطلعات البورجوازية الصغيرة.
أَمَّا عَنْ المنهجية الَّتِي سلكها الناقد فِي هَذَا النصّ، فمن الواضح أَنَّهَا
اتخذت شكلا استنباطيا، حَيْتُ انطلق فِي البداية من تَأْكِيد الفرضية الَّتِي سيدافع
عَنْهَا، وَهِيَ تشارط وترابط كل من الأشكال والبنى الأدبية، مَعَ البنى والأشكال
الاجتماعية، لينتقل بعد ذَلِكَ إِلَى تحليل جزئيات وعناصر هَذِهِ الفرضية، والبرهنة عَلَيْهَا
مِنْ خِلَالِ استعمال أساليب حجاجية مختلفة أهمها: المقارنة؛ كالمقارنة بَيْنَ البورجوازية الأوروبية،
والبورجوازية المغربية، واعتبار الرواية ناطقا رسميا باسم الأُوْلَى، والقصة القصيرة
ناطقا رسميا باسم الثَّـانِيَة. كَمَا استشهد
بأقوال جملة من المفكرين والأدباء، كقول هيغل بِأَنَّ الرواية هِيَ ملحمة بورجوازية،
وقول محمد برادة الَّذِي رأى أن السؤال المركزي المهيمن عَلَى الأدب العربي، هُوَ تحديد
مشقط الرأس، فَضْلًا عَنْ استشهاده بقول القاص المصري محمد حافظ رجب فِي اعتبار القصاصين
المغاربة يمثلون جيلا بلا أساتذة.
كَمَا وظّف الناقد روابط
لغوية مختلفة حققت للنص اتساقه، وساهمت فِي تقوية الجانب الحجاجي، ومنها روابط إحالية نصية، مثل: الضمائر: (نا الدالة عَلَى
الجماعة/ ضمير الغائب)، وأسماء
الإشارة (هَذَا، هَذِهِ، هُنَا…)، وروابط إحالية
مقامية مثل قول الكاتب: (بورجوازيتنا، نعتبر…)، وَالَّتِي أحالت عَلَى عناصر خارج
النص هِيَ الكاتب، والجماعة الَّتِي ينتمي إِلَيْهَا.
العوفي، قَد حاول تَطْبِيق المنهج الاجتماعي بمفاهيمه، ومصطلحاته الكبرى عَلَى دراسة
تشكّل وتطور القصة القصيرة المغربية، مؤكدا عَلَى امتداد النص ترابط وتشارط ظهور
القصة القصيرة المغربية مَعَ التفاعلات والمخاضات الاجتماعية الَّتِي عرفها المجتمع
المغربي قبيل الاستقلال وبعده، معتبرا أن القصة القصيرة جاءت معبرة عَنْ إيديولوجيا
البورجوازية الصغيرة المغربية، خاصة الفئة المثقفة مِنْهَا. وَقَد لاحظنا كَيْفَ أن إجراءات تَطْبِيق المنهج
الاجتماعي قَد تجلت عَلَى مُسْتَوَى المفاهيم والمصطلحات الموظفة من قبيل: (البنى
والأشكال الاجتماعية، البورجوازية، والتفاعلات الاجتماعية…). وَقَد استعان الكاتب
بعدة وسائل حجاجية أهمها القياس الاستنباطي، والمقارنة، والاستشهاد بأقوال
المفكرين والكتاب، ودعم هَذَا الجانب الحجاجي بروابط لغوية مختلفة حققت للنص اتساقه
وتماسكه. وَإِذَا كَانَ الناقد قَد استعمل مجموعة من المصطلحات والمفاهيم الاجتماعية
والأدبية دُونَ أَنْ يقدم تفسيرا لَهَا، فلأنه راهن عَلَى القارئ وَعَلَى ثقافته وقدراته
التأويلية ومعرفته الخلفية، وَذَلِكَ قصد تحقيق انسجام النصّ.
عَلَى أن تَطْبِيق المنهج الاجتماعي فِي دراسة النصوص والأجناس الأدبية، لَا يخلو
من إثارة عدة إشكاليات وتساؤلات من قبيل: هل يمكن أن يكون النص الأدبي تعبيرا
صادقا عَنْ الواقع وانعكاسا لَهُ؟ كَيْفَ يمكن استجلاء جماليات النص الأدبي دون استحضار
عناصره الفنية؟ لعل مثل هَذِهِ الأسئلة هِيَ الَّتِي أدَّتْ إِلَى ظهور مناهج بديلة كالمنهج
البنيوي الَّذِي نادى بالقطيعة مَعَ الواقع والتركيز عَلَى النصوص ومكوناتها الداخلية،
باعتبارها بناءً مغلقا ونسيجا لغويا بِالدَّرَجَةِ الأُوْلَى.
عَنْ الموقع
يستفيد سنويا من منصتنا أكثر من 25 مليون زائر وزائرة من جميع الفئات العمرية .
تمَّ الحرص فِي men-gov.com عَلَى 4 توابت اساسية :
ـ جودة المضامين المنشورة وصحتها فِي الموقع
ـ سلاسة تصفح الموقع والتنظيم الجيد مِنْ أَجْلِ الحصول عَلَى المعلومة دون عناء البحث
ـ التحديث المستمر للمضامين المنشورة ومواكبة جديد التطورات الَّتِي تطرأ عَلَى المنظومة التربوية
ـ اضافة ميزات وخدمات تعليمية متجددة
لمدة 3 سنوات قدمنا اكثر من 50000 مقالة وازيد من 200 ألف مِلَفّ مِنْ أَجْلِ تطوير دائم لمنصتنا يتناسب وتطلعاتكم, والقادم أجمل إن شاء الله.
⇐ المنصة من برمجة وتطوير men-gov.com وصيانة DesertiGO
⇐ يمكنك متابعتنا عَلَى وسائل التواصل الاجتماعي ليصلك جديدنا: اضغط هُنَا
À propos du site
Chaque année, notre plateforme profite à plus de 25 millions de visiteurs de tous âges.
Sur men-gov.com, nous avons pris en charge 4 principes:
Qualité et exactitude du contenu publié sur le site
Navigation fluide du site et bonne organisation afin d’obtenir des informations sans prendre la peine de chercher
Mise à jour continue du contenu publié et se tenir au courant des nouveaux développements du système éducatif
Ajout de fonctionnalités et de services éducatifs renouvelables
Depuis 3 ans, nous avons fourni plus de 50 000 articles et plus de 00 000 fichiers pour un développement permanent de notre plateforme qui correspond à vos aspirations, et le suivant est plus beau, si Dieu le veut.
⇐ Plateforme développée par DesertiGO et maintenue par men-gov.com
⇐ Vous pouvez nous suivre sur les réseaux sociaux pour recevoir nos actualités: cliquez ici multi-mnhjyti-com