نص نظري : سمات النص المسرحي لفرحان بلبل

أشكال نثرية حديثة: نص نظري : سمات النص المسرحي لفرحان بلبل

الثَّـانِيَة باكلوريا آداب وعلوم انسانية

إشكالية النص وفرضيات القراءة:
فِي النصف الأول من ق 19 لَمْ يكن النقاد العرب يعرفون الكثير عَنْ الفن المسرحي، فانبرى المسرحيون أَنْفُسَهُمْ للتعريف بِهَذَا الفن والدفاع عَنْهُ واتخاذه وسيلة للإقناع . وَقَد مثل هَذِهِ المرحلة مسرحيون نقاد أمثال ( مارون نقاش، أبو خليل القباني، ويعقوب صنوع ..) . وَكَانَ للصحافة دور فِي نشر مقالات داعمة للمسرح، حافزة المسرحيين عَلَى تطوير أساليبهم، لنقاد مثل: حفني ناصف، وعبد الله النديم، وسليم الخوري، والعقاد، وتوفيق الحكيم، ومحمد حسين هيكل ..، . وتميز النقد فِي هَذِهِ المرحلة بالانطباعية والارتجالية والأحكام العامة والذاتية الَّتِي لَا تعتمد عَلَى أصول أَوْ قواعد نقدية .
بعد الحرب العالمية الثَّـانِيَة بدأت الثقافة المسرحية تتغير لَدَى المسرحيين والنقاد بِسَبَبِ دور المطابع والمؤسسات الرسمية والمجلات المتخصصة ووسائل الاتصال المتنوعة فِي نشر الثقافة المسرحية وتشجيعها، فأصبح المسرح يدرس فِي الجامعات بناء عَلَى قواعد وأصول ومدارس .. ، وتخرج مِنْهَا نقاد أمثال: حسن المنيعي، ومحمد المديوني، وسعد أردش، وعبد الرحمان بن زيدان، ورياض عصمت. كَمَا أن المسرحيين أَنْفُسَهُمْ أصبحوا يُنَظرون لأعمالهم المسرحية ويعرفون بِهَا، من قبيل: سعد الله ونوس، وروجيه عساف، وعبد الكريم برشيد.. وفرحان بلبل من أقطاب مرحلة النضج فِي النقد المسرحي العربي، ولد سنة 1937 بسوريا، اهتم بالمسرح كاتبا ومخرجا وناقدا، ساهم فِي تأسيس فرقة ” المسرح العمالي بحمص ” سنة 1987. لَهُ أعمال مسرحية ونقدية عديدة، فمن المسرحيات نجد ( يا حاضر يازمان ) ، ( لَا ترهب حد السيف ) ، وَمِنْ مؤلفاته النقدية: المسرح العربي فِي مواجهة الحياة، مراجعات فِي المسرح العربي، النص المسرحي : الكلمة والفعل الَّذِي أُخذ مِنْهُ هَذَا النص.
فما القضية الَّتِي يطرحها الكاتب فِيهِ ؟ وما طرائق عرضها ؟
يشي العنوان بتوصيف النص المسرحي بِمَا هُوَ نص لَهُ خصائص بنيوية ووظيفية وجمالية، وتدل المشيرات: المعايشة، الآنية، الديمومة، الهدف الأَعْلَى..عَلَى علاقة المسرح بالراهن من القضايا المرتبط بهموم الواقع. ويبدو أن النص وصفي يعرض لجنس أدبي سردي متميز عَنْ غيره، هُوَ المسرحية، ويتمحور حول فكرة عامة عَنْ المسرحية بَيْنَ ديمومة خصائصها الجوهرية وأصولها وثوابتها، وتغير بعض سماتها، وعن العلاقة بَيْنَ النص والعرض .
الفهـــــم :
1 ـ سمات النص المسرحي :
أ ـ المعايشة : وتعني اهتمام المسرحية بمشكلات العصر الفكرية والسياسية والاجتماعية والإنسانية، ومعالجة قضايا الواقع .
ب ـ الآنيـــة (التحيين): عملية تقوم عَلَى مسرحةد حدث تاريخي أَوْ شخصية أدبية أَوْ أسطورية وفق منظور عصري وحداثي يتأسس عَلَى منطق التداخل بَيْنَ الأزمنة : الماضي والحاضر، ويكتسي التحيين أهمية خاصة باعتباره إجراء يُخَوِّلُ عقد حوار بَيْنَ ذات الكاتب وخطاب ماض انصهر مَعَ راهنية الأحداث المعيشة .
ج ـ الديمومة: إدراج الكاتب قضايا مجتمعه الآنية ضمن ديمومة صراع نزعات البشر بَيْنَ الخير والشر .. وتلازم الآنية والديمومة يُعطي للنص المسرحي خصوصية فِي تكوينه وأساليب تأليفه تطبع التأليف المسرحي بقواعد ثابتة فِي جميع المذاهب، وَهِيَ (الصراع ـ تصاعد الحكاية دراميا ـ دقة بناء الشخصيات فِي تطورها عموديا وأفقيا )
د ـ الهدف الأَعْلَى: هُوَ تجسيد هموم الإنسان الاجتماعية والفكرية والاقتصادية، وَكُل مَا يمثل المطالب الأساسية للمجتمع، الَّتِي من أجلها يذهب الجمهور إِلَى العرض المسرحي ليشارك الآخرين الرأي فِيهَا.
ـ تلازم هَذِهِ السمات الثلاث هِيَ ميزة المسرح وآفته الَّتِي تُفقده الكثير من قيمته الأدبية والفنية، وتحوله إِلَى أثر متحفي ؛ وَفِي الآن تجعله يطور نفسه، ويطور النقد المسرحي، ويرتقي بالذائقة الجمالية لذا الناس، وتفرض عَلَى الكاتب المسرحي تجديد أسلوب الكتابة الَّذِي يعادل فنيا الواقع الاجتماعي والذوق الجمالي السائد فِي عصره .
2 ـ بتغيرات الواقع (قضايا جديدة، الذوق، وسائل التعبير ) تُبتكر أساليب جديدة فِي الكتابة المسرحية، مَعَ الحفاظ عَلَى الأصول والثوابت، كالآنية والديمومة ..
3 ـ شرط الإبداع فِي الكتابة والعرض المسرحيين هُوَ التجريب والوعي التام بجماليات الفن التشكيلي والموسيقى والشعر والأدب عموما.
4 ـ الفن المسرحي جُماع الفنون إِذَا أحكم الكاتب قبضته عَلَيْهَا، فهو يرتقي بِهَا جميعا فِي الإطار المسرحي
التحليـــــل :
1 ـ الإشكالية المطروحة :
تتعلق إشكالية النص برصد سمات النص المسرحي الَّتِي تتجسد بِهَا ثنائية الهدم والبناء باعتبارها خاصية من خصائص التأليف المسرحي، وَهِيَ مدعاة للتجريب المسرحي ؛ فكل ممارسة إبداعية، ومنها الكتابة المسرحية، إنما هِيَ تحليل لمفاهيم وقيم مَا أن تتبلور فِي نسق الحياة الاجتماعية ببعدها الواقعي المعيش حَتَّى تنبثق من رحمها صياغات لقيم أُخْرَى بديلة ومحتملة فِي الواقع وَفِي الكتابة والذوق الفني عَلَى السواء فِي تواصل مَعَ مختلف الأجناس والأشكال التعبيرية الموازية بِمَا يجعل الكتابة المسرحية مجالا للتجريب بامتياز. إِنَّهَا ثنائية الثابت والمتحول، الثابت المرتبط بِمَا هُوَ إنسان، والمتحول المرتبط بِمَا هُوَ معيش وبالآنية. ولعل السعي إِلَى خلق توازن بَيْنَ الثابت والمتحول هُوَ مَا يضفي عَلَى النص المسرحي خلوده ؛ لأنه يعالج مَا هُوَ جوهري فِي مقابل العرض المتغير فِي حياة الإنسان .
ونلاحظ أن سمات النص المسرحي المشار إِلَيْهَا فِي النص سمات جوهرية، لأنها ميزات نوعية لصيقة بِهِ فِي كل زمان وَفِي كل الاتجاهات المسرحية .. وَمِنْ ثنائية الهدم والبناء هَذِهِ انبثقت سمات النص السابقة .

2 ـ المفاهيم والقضايا :

مفاهيم حقل النص
السمات، بهاء، النص المسرحي، الصراع بَيْنَ الخير والشر، تكوينه (النص المسرحي)، وأساليب تأليفه، تصاعد الحركة دراميا، دقة بناء الشخصيات عموديا وأفقيا، المذاهب والاتجاهات والمدارس المسرحية، تخلفه عَنْ عصره بِمُجَرَّدِ الانتهاء من كتابته، دقة التصوير، حكايته مقصودة بذاتها وبمراميها، سماته وسيلة لِتَطْويرِ المسرح نفسه والنقد المسرحي، والارتقاء بالذائقة الجمالية، أسلوب الكتابة معادل للواقع الاجتماعي،الابتكار والتجديد والتجريب، ضرورة الوعي بالجماليات الفنية السائدة فِي العصر،
مفاهيم حقل العرض
التماهي (تماهي المتفرج) والاندماج، يشاهد المتلقي ذاته ومشاكله عَلَى خشبة المسرح، فريق العرض المسرحي، غاية المخرج .. البحث عَنْ الهدف الأَعْلَى وإبرازه، المشارك فِي متابعة القضية بالرأي .. العرض، الناس، المتفرج، المشاركة …

ـ لعل هيمنة مفاهيم حقل النص تدل عَلَى أن الكاتب يهدف إِلَى إبراز أهَمُ سمات المسرحية باعتبارها نصا، ثُمَّ بعض قواعد السينوغرافيا / الكتابة الموجهة لللعرض، بفعل الإخراج والديكور والإضاءة والموسيقى، ومفاهيم الحقلين تتكامل للدلالة عَلَى وحدة عناصر المسرحية .
– وَمِنْ ضمن القضايا النقدية الَّتِي تُنيرها الإشكالية المطروحة وَتَهْدِفُ إِلَى توضيح السمات العامة للمسرحية باعتبارها حدودا فاصلة بينها وبين غيرها من الفنون:
* قواعد التأليف المسرحي : أي مختلف المقومات الجمالية والمبادئ الفنية الَّتِي تقوم عَلَيْهَا الكتابة المسرحية، وَالَّتِي تُستمد من المعرفة العميقة بطبيعة هَذَا الفن الأدبي . ووظيفته وموضوعه وبناء وأسلوبه.
* التجريب المسرحي : تجريب مختلف أشكال التعبير الفنية، والاستفادة من إمكاناتها، وإدماجها فِي الإطار المسرحي الَّذِي تتلاشى فِيهِ الحدود بَيْنَ مختلف الفنون، وتُتاح لَهَا فرصة التطور والارتقاء ..
* علاقة المسرح بِبَاقِي الفنون : المسرح أبو الفنون لأنه يوظف الحياة بمختلف مظاهرها، ويقوم ببناء عالمه التخييلي اعتمادا عَلَى مختلف الأنساق التعبيرية من تشكيل وموسيقى وحركة وتواصل لغوي وغير لغوي. إِنَّهُ ليس بؤرة تلتقي فِيهَا هَذِهِ الفنون بِشَكْل تراكمي، بَلْ مجال للتجريب تخرج مِنْهُ احتمالات تطوير تِلْكَ الفنون نفسها. وَرُبَّمَا ساهم تطور السينما ووسائل الاتصال بالجمهور فِي إخفاء هَذِهِ الحقيقة، وَلَكِن علاقته بِبَاقِي الفنون هِيَ علاقة فنية وعضوية .
* المقصدية فِي المسرح : رهان الكاتب الَّذِي يعكس وجهة نظره فِي القضايا الاجتماعية والسياسية الثقافية والفنية ..
* علاقة المسرح بالواقع : علاقة معايشة وتعبير ونقد وتعديل فِي أُفُقِ استشرافي يتوخى صيغا حياتية ممكنة ..
3 ـ الإطار المرجعي :
استند الكاتب فِي عرضه لإشكالية النص والقضايا المتفرعة عَنْهَا إِلَى عدة مرجعيات مِنْهَا :
ـ علم النفس : باستحضار الوعي الفردي أَوْ الجمعي وعلاقتهما بعوامل المحيط والبيئة فِي تشكيل النص المسرحي وتثويره، إِذْ يقوم االكاتب بإعادة بناء مدركاته فِي بنية نصية تفجر الواقع، ويعيد القارئ بناء النص عبر التأويل بناء يدفع الناقد والكاتب والمتلقي إِلَى ملاحقة الوعي المتحكم فِي الإحساس بالواقع وترجمة الهدف الأَعْلَى وتأثيرات النص كتابة وعرضا عَلَى بنيات التلقي.
ـ علم الاجتماع : حَيْتُ العلاقة بَيْنَ النص والمجتمع مِنْ خِلَالِ ثنائية البناء والهدم جلية، إِذْ ركز الكاتب عَلَى البعد الرؤيوي للكتابة المسرحية. وَعَلَى العلاقة بَيْنَ المجتمع والنص، باعتبار هَذَا الأَخِير يجسد وعيا ممكنا، مِنْ خِلَالِ رؤية طبقة اجتماعية ينتمي إِلَيْهَا الكاتب، تستشرف المستقبل وتتوخى إيجاد صيغ حياتية ممكنة وبديلة للواقع خسب كولدمان مِمَّا يجعل النص المسرحي يحمل رؤيا للعالم يتوجه النقد ، فِي تحليله ، إِلَى الكشف عَنْهَا .،
ـ نظرية التلقي : إن الخطاب المسرحي انتقائي تتخلله فراغات ؛ لِأَنَّ المسرحية لَا تمنع إلَّا جزءا يسيرا من الكلمات الَّتِي يفترضها تحقق الحدث ، وَمَعَ ذَلِكَ يلزمك – بصفتك قارئا أَوْ متفرجا – أن تفهم المجموع. والكاتب المسرحي لَا يلغي من حسابه الوضع الاعتباري المتلقي ، لِكَوْنِهِ يمثل طرفا أساسيا فِي المعادلة المسرحية وَفِي إنتاج الفعل الدرامي، والعلامات ، فدوره لَا ينحصر فِي التلقي السكوني والاستهلاك الآلي والتفكيك الساذج للعلامات، بَلْ إِنَّهُ يصنع المعنى وينتج الدلالة ارتكازا عَلَى إجراءات تأويلية منظمة تفضي إِلَى ترتيب المعاني وتنظيمها ووضعها فِي بنية دالة. وبذلك يصبح فعل التلقي عملا إبداعيا يتمركز حول الأثر الفني فِي شكل تفاعل وقراءة للعمل تضفي عَلَيْهِ فِي النهاية صفة التحقق .
ـ نظرية الأجناس الأدبية : حَيْتُ يَبْدُو الكاتب منشغلا فِي النص بالبحث عَنْ الخصائص المميزة لفن المسرحية كجنس سردي ذِي طبيعة وتكوين خاص ووظيفة تواصلية وجمالية مرتبطة بذاك التكوين وتلك الطبيعة ، مِمَّا يجعله جنسا يَتَضَمَّنُ أجناسا أُخْرَى فِي هيكله المتفرد
4 ـ طرائق العرض :
عمد الكاتب للدفاع عَنْ أطروحته إِلَى استثمار بنية حجاجية استشهادية ومنطقية، فمن الأُوْلَى قوله : ” ودليل ذَلِكَ أن كتاب كل جيل يتخذون أصولا واحدة فِي الكتابة … يدافعون عَنْ أهداف عليا واحدة تشكل المطالب الأساسية لمجتمعهم ” .وَمِنْ الثَّـانِيَة توظيفه أساليب التفسير، من تَعْرِيف (تَعْرِيف المسرحية بتحديد سماتها المميزة، ووصف ماهيتها ووظائفها )، ووصف (وصف مكونات وعناصر المسرحية ورسالتها الاجتماعية والفنية والفكرية، والعوامل المحيطة بِهَا كالإخراج )، وسرد ( سرد حالة تحول النص المسرحي من مرحلة الإشعاع إِلَى الأفول بعد مرور مُدَّة زمنية محددة) ومقارنة ( بَيْنَ المسرح والرواية والشعر)،
واهتمامه بالتنظيم المحكم للمعلومات الَّتِي تبدو وحدة متماسكة، وتصورا منسجما يُقدم عبر مراحل، فيتحقق الإقناع بمحموله المنطقي وجهازه المفاهيمي الدقيق وإحالاته المرجعية، واتكاؤه عَلَى الاستقراء المنطلق من الجزء إِلَى الكل، من السمات الجزئية للمسرحية، وتفصيل القول فِي كل مِنْهَا، وإبراز العلاقة بينها مجتمعة بِشَكْل عضوي، والتدرج فِي التفسير وفق مسار استدلالي، إِلَى كون ” فن المسرح جُماع الفنون … وَهُوَ أمر لَمْ يتحقق لَهُ حَتَّى الآن . مِمَّا ساهم فِي تأمين التماسك والانسجام دَاخِل نص يتناول قضية تجنيس المسرحية .
وَقَد استثمرالكاتب وسائل الربط بَيْنَ الجمل والأفكار؛ كالربط الصريح بالأدوات ( الواو، بَلْ، لِأَنَّ .. ) ، والربط بالضمائر (ضمير الغائب المفرد العائد عَلَى النص المسرحي، وضمير الغائبة المفردة العائد عَلَى السمات ) . والربط الضمني / الربط بالاستدلال، عبر معيار التسلسل (استعمال الصيغ الدالة عَلَى التدرج: ” أول سمات …” ؛ ” كَانَت الآنية ثاني خصائص المسرح … ” ؛ ” وبذلك تكون الديمومة ثالثة سمات النص المسرحي .. ” ، ومعيار العلاقات (علا قات التطابق ( ديمومة النزعات الإنسانية فرضت عَلَى فن التأليف قواعد ثابتة فِي جميع المذاهب والأشكال…) والتعارض (الحكاية مقصودة بذاتها وبمراميها فِي المسرحية، عكس الشعر والرواية ). وَمِنْ مظاهر الربط الاستدلالي أيضًا استهلال الفقرات بالجمل الدالة عَلَى التوكيد: ” إن الآنية هِيَ الَّتِي تؤدي إِلَى سرعة التغيرات ” ؛ ” إن سمات … تَجْعَلُ لَهُ ميزة خاصة بِهِ ” وتكرار بعض الألفاظ والمفاهيم) ، والانتقال من الخاص ( السمات ) إِلَى العام ( علاقة المسرح بِبَاقِي الفنون باعتباره حقلا للتجريب انطلاقا مِنْهَا وانتهاء إِلَيْهَا)، وإبراز شدة التلازم بَيْنَ سمات النص المسرحي. ووسائل الربط اللفظي والمعنوي جعلت النص يمتلك من قوة التأثير عَلَى المتلقي، مَا يدفع إِلَى الاقتناع بوجهة نظر الناقد. فالنص، إذن، خطاب متجانس الوحدات، فهو ينبني عَلَى عَدَدُُ مِنَ العلاقات / الروابط بَيْنَ الجمل والأفكار والفقرات مِنْ خِلَالِ جملة من الوسائل اللغوية الشكلية، لِهَذَا نقول إِنَّهُ حقق وجوده النصي، فِي بعده التداولي والأسلوبي، مِنْ خِلَالِ تواتر آليات الاتساق .
التركيـــــب والتقـويــم :
ـ عرض النص بعضا سمات الكتابة الدرامية، كالمعايشة، والآنية، والديمومة، والهدف الأَعْلَى .. وبين محافظة المسرحية عَلَى الأصول والثوابت، وابتكارها، فِي الوقت، نفسه أساليب جديدة فِي الكتابة الدرامية، وَذَلِكَ بِحَسَبِ مَا يُستجد فِي الواقع من قضايا اجتماعية وذوق وسائل التعبير .. ثُمَّ إن للإبداع المسرحي شرطا يتمثل فِي التجريب والوعي التام بجماليات باقي الفنون، الَّتِي يرتقي بِهَا يرتقي بِهَا . ومقصدية النص كشف الخلفيات الاجتماعية والجمالية للتأليف المسرحي باعتباره ينطلق من الواقع ويتوجه إِلَى متلق، ويراهن عَلَى أن يكون جُماع الفنون الأدبية والتشكيلية .. وَمِنْ ثُمَّ فله دور عضوي فِي الحياة يقوم عَلَى التحليل والنقد والارتقاء بالذوق والتعبير، ويحمل فِي ذاته وسائل التطوير والتغيير، مِمَّا جعله، كَمَا يقول الكاتب، حقلا للتجريب بامتياز . وَقَد استخدم الكاتب للتعبير عَنْ هَذِهِ المقصدية لغة تقريرية واصطلاحية قائمة عَلَى جهاز مفاهيمي يعكس عمق تصوره النظري، إضافة إِلَى لغة حجاجية، وأسلوب استدلالي مقنع يعضده تماسك البناء النصي واتساقه وانسجامه؛ وبذلك يتحقق افتراض كون نص وصفيا يستعرض سمات المسرحية الجوهرية وأصولها وثوابتها.
ويعكس النص ثقافة صاحبه المسرحية ومرجعياته المتنوعة، وانفتاحه عَلَى قضايا نظرية وأسئلة ترتبط بأشكال الممارسة وآليات الكتابة المسرحية وتأصيلها وربطها بمرجعية الذات والمجتمع وسؤال الجمالية . والسؤال الَّذِي تطرحه قراءتنا للنص هُوَ : العلاقة بَيْنَ الكتابة والعرض ؛ فالعمل المسرحي يتأطر ضمن مجال الفرجة ، وينتمي فِي الآن ذاته إِلَى حقل الأدب، من هُنَا ضرورة البحث عَنْ آليات اشتغاله مِنْ خِلَالِ رصد سماته وقوانين الكتابة، وتفسير كيفية اشتغال عناصر العرض عبر تحديد مرجعيات الإخراج ومنطلقاته، وحصر أنماطه وأشكاله، وضبط المستويات والميكانيزمات الناظمة لسيرورة العرض والمؤطرة لعناصره ومكوناته دَاخِل الفضاء الحركي، وَفِي علاقة ذَلِكَ بالمتلقي .إن العمل المسرحي لَا تكتمل دلالته وأهميته إلَّا عِنْدَ تشخيص نصوصه.
ـ والنص يراهن، من جهة أُخْرَى، عَلَى المتلقي الواعي الَّذِي يتجاوز حدود التماهي مَعَ العرض ليرتقي إِلَى مجادلته ومحاورته، وهذا الرهان جاء فِي سياق نضج التجربة المسرحية عَلَى مُسْتَوَى الكتابة والإنجاز الركحي، وَقَد تجسدت معالم هَذَا النضج فِي: ( تخلص النص من بعده الأحادي وانبنائه من نصوص متعددة ، ومتداخلة ، وَمِنْ متواليات سردية أَوْ حكائية تراعي مفهوم التمسرح الَّذِي حول اللغة الركحية إِلَى ميتا ـ لغة يستطيع المتلقي أن يزاول عَلَيْهَا فعاليته التأويلية والتفكيكية)

ذ محمد الدواس

.

عَنْ الموقع

ان www.men-gov.com مِنَصَّة مُسْتَقِلَّة شاملة وحديثة تواكب كل مواضيع التدريس والتوجيه وَالتَعْلِيم وَكَذَا اعلانات الوظائف بالمغرب,وَتَضَمَّنَ كذلك مجموعة من الخدمات والوسائل التعليمية التربوية الَّتِي تبسط وتشرح الأشياء الَّتِي يحتاجها التلميذ والطالب و الأستاذ والمدير والباحث عَنْ فرص الشغل سَوَاء كت تابعة لمؤسسات الدولة اوغير تابعة لَهَا ، وَتَجْدُرُ الاشارة إِلَى ان هَذِهِ المنصة لَا تمت باي صلة لِوِزَارَةِ التربية الوَطَنِية والتَّكْوين المهني وَالبَحْث العلمي واي مؤسسة وطنية اخرى.
يستفيد سنويا من منصتنا أكثر من 25 مليون زائر وزائرة من جميع الفئات العمرية .
تمَّ الحرص فِي men-gov.com عَلَى 4 توابت اساسية :
ـ جودة المضامين المنشورة وصحتها فِي الموقع
ـ سلاسة تصفح الموقع والتنظيم الجيد مِنْ أَجْلِ الحصول عَلَى المعلومة دون عناء البحث
ـ التحديث المستمر للمضامين المنشورة ومواكبة جديد التطورات الَّتِي تطرأ عَلَى المنظومة التربوية
ـ اضافة ميزات وخدمات تعليمية متجددة
لمدة 3 سنوات قدمنا اكثر من 50000 مقالة وازيد من 200 ألف مِلَفّ مِنْ أَجْلِ تطوير دائم لمنصتنا يتناسب وتطلعاتكم, والقادم أجمل إن شاء الله.
⇐ المنصة من برمجة وتطوير men-gov.com وصيانة DesertiGO
⇐ يمكنك متابعتنا عَلَى وسائل التواصل الاجتماعي ليصلك جديدنا: اضغط هُنَا

À propos du site

men-gov.com est une plate-forme indépendante complète et moderne qui suit le rythme de tous les sujets d’enseignement, d’orientation et d’éducation, ainsi que des offres d’emploi au Maroc, et comprend également un ensemble de services et de méthodes éducatives qui simplifient et expliquent les choses qui répondent aux besoins de l’étudiant, du professeur, du directeur et du chercheur d’emploi, privé ou public, Il est à noter que cette plateforme n’est pas reliée au ministère de l’Éducation nationale, et de la Formation professionnelle et de la Recherche scientifique, et à tout autre institution.
Chaque année, notre plateforme profite à plus de 25 millions de visiteurs de tous âges.
Sur men-gov.com, nous avons pris en charge 4 principes:
Qualité et exactitude du contenu publié sur le site
Navigation fluide du site et bonne organisation afin d’obtenir des informations sans prendre la peine de chercher
Mise à jour continue du contenu publié et se tenir au courant des nouveaux développements du système éducatif
Ajout de fonctionnalités et de services éducatifs renouvelables
Depuis 3 ans, nous avons fourni plus de 50 000 articles et plus de 00 000 fichiers pour un développement permanent de notre plateforme qui correspond à vos aspirations, et le suivant est plus beau, si Dieu le veut.
⇐ Plateforme développée par DesertiGO et maintenue par men-gov.com
⇐ Vous pouvez nous suivre sur les réseaux sociaux pour recevoir nos actualités: cliquez ici multi-positivisite

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *