مهارة وضع تصميم لموضوع للسنة الأولى باك آداب وعلوم انسانية
درس مهارة وضع تصميم لموضوع للسنة الأُوْلَى باك آداب وعلوم انسانية
نموذج 1 مرجع الممتاز فِي اللغة العربية
مهارة وضع تصميم لموضوع إنشائي:
يهدف درس التعبير والإنشاء فِي السنة الأُوْلَى للباكلوريا آداب وعلوم إنسانية إِلَى الارتقاء بقدرات المتعلم التعبيرية والإنشائية، وَقَد اعتمد المِنْهَاج الدراسي فِي المحور الأول مجموعة من الدروس تتعلق بمهارة وضع تصميم لموضوع اكتسابا وتطبيقا انطلاقا من مدخل عام، ومرورا بِكُلِّ مرحلة من مراحل البناء المنهجي للنصوص ( مقدمة ـ عرض ـ خاتمة ) ووصولا فِي الأَخِير إِلَى أنشطة للإنجاز والتقويم.
وعموما فَإِنَّ أول مَا يَجِبُ معرفته بخصوص هَذِهِ المهارة هُوَ كون التصميم، يعنى بتحديد النظام العام الَّذِي قَامَ عَلَيْهِ النص المدروس من حَيْتُ بناؤه المنهجي، ووسائله الحجاجية، وآليات الربط بَيْنَ أفكاره وقضاياه.
1ـ مدخل عام:
للتوصل إِلَى اكتساب معرفة عامة بخطوات بناء الموضوع المدرسي يقترح علينا الكتاب المدرسي ( الممتاز فِي اللغة العربية) نصا للكاتب يوسف يوسف، مقتطف من كتابه ” الغزل العذري. وتكشف القراءة المتأنية لِهَذَا النص أنح يعرض لقضية الأسباب والعوامل الَّتِي ساهمت فِي نشأة موضوع العذرية فِي الشعر العربي، باعتباره موضوعا غزليا يَعْتَمِدُ عَلَى قيم الحشمة والوقار والتعبير عَنْ معاناة الحب وقسوة الهجر عَلَى خلاف مَا عرف بالغزل الصريح. وَقَد شكل انتشار هَذِهِ الظاهرة علامة ميزت عَلَى وجه التحديد العصر الأموي، وَهُوَ الأمر الَّذِي عمل الكاتب عَلَى تبيانه، حَيْتُ عرض فِي مقدمة الموضوع إِلَى مَا اعتبره مسؤولية الروح التاريخي الهادف إِلَى بناء الإمبراطورية فِي نشأة الغزل العذري، هَذِهِ الفكرة عمل الكاتب عَلَى تفصيلها فِي العرض بِشَكْل أدق، حَيْتُ أبرز أن الفرد فِي هَذِهِ المرحلة التاريخية كَانَ يعيش تمزقا نفسيا بَيْنَ مَا كَانَت تطمح إِلَيْهِ الجماعة وَهُوَ تَوْسِيع رقعة الدولة وبناء نظامها وبين مَا كَانَت تطمح إِلَيْهِ الذات من سكينة وهدوء وإرضاء للمشاعر، وهذا التمزق النفسي هُوَ الَّذِي ولد نوعا من الانطواء عَلَى النفس والانشغال بموضوعات الغزل، أَمَّا الخلاصة الَّتِي تمَّ الوصول إِلَيْهَا فِي نهاية الموضوع فَهِيَّ أن الغزل العذري لَمْ يكن إلَّا نكوصا وتراجعا نَحْوَ الذات للتعبير عَنْ مشاعرها وآلامها بَعْدَ أَنْ ساد الوعي بِأَنَّ مَا تحقق من استفادة كَانَ خاصا بفئة محدودة من علية القوم دون غيرها. هَكَذَا يُمْكِنُنَا ملاحظة أن الكاتب قَد بنى نصه بناء منهجيا محكما ومتدرجا يقوم عَلَى مَا يلي:
ـ مقدمة: طرح القضية الأساسية والمتمثلة فِي إبراز أهَمُ عامل فِي نشوء العذرية
ـ العرض: مناقشة القضية وإبراز الآثار النفسية للروح التاريخي، وتجلياتها عَلَى مُسْتَوَى الإبداع الشعري
ولكي يعرض الكاتب لِهَذِهِ الأفكار بتدرج، وَأَن يكون أسلوبا مقنعا كَانَ لزاما عَلَيْهِ الانتقال مِمَّا هُوَ عام نَحْوَ ماهو خاص وتوظيف مجموعة من الأساليب الحجاجية من قبيل أسلوب التعريف فِي قوله ( إن الروح التاريخي … هُوَ المسؤول الأول عَنْ إفراز الخط العذري ) واعتماده عَلَى أسلوب المقابلة بَيْنَ مطالب الأفراد الطبيعة و ميولات المجتمع ذات الطبيعة السياسية، وما ترتب عَنْ ذَلِكَ من تأرجح نفسية الفرد بَيْنَ الامتثال والرفض، وَمِنْ الأساليب الَّتِي جعلت أسلوب الكاتب يميل إِلَى الطابع الحجاجي اعتماده أسلوب التعليل وربط الأسباب بالنتائج، حَيْتُ بَيْنَ مثلا أن القسر قَد كَانَ قاهر بِسَبَبِ الضغط الَّذِي مارسه الجانب التاريخي عَلَى الجانب الطبيعي الأصيل.
وَقَد عزز الكاتب هَذَا الجانب الإقناعي بمجموعة من الروابط اللغوية الَّذِي ساهمت فِي تنظيم أفكار النص وعرضها بأسلوب متدرج، كَمَا كَانَ لِهَذِهِ الروابط بعد حجاجي، مِنْ خِلَالِ العلاقة الحجاجية الَّتِي ينسجها الربط بَيْنَ فكرتين أَوْ أكثر، وَمِنْ أمثلتنا عَنْ ذَلِكَ الروابط الَّتِي تفيد التعليل ( ولهذ، كي ..) وَالَّتِي تفيد التفسير ( وَهُوَ .. وَهِيَ….)
يستنتج مِمَّا سبق أن وضع تصميم لموضوع منجز يتطلب مَا يلي:
ـ تأطير النص وفهمه: مِنْ خِلَالِ تحديد عتباته ثُمَّ تتبع المضامين الواردة فِيهِ وفهمها جَيِّدًا.
ـ تحديد خطواته المنهجية والعناصر الَّتِي تقوم عَلَيْهَا( المقدمة والعرض والخاتمة )
ـ تتبع النظام الَّذِي اعتمده الكاتب فِي بنائه ، والحجج والأدلة والروابط الَّتِي وظفها
—-
ولتطبيق المكتسبات المتوصل إِلَيْهَا يقترح الكتاب المدرسي ( ص 18) نصا للكاتب الطاهر لبيب مقتطف من كتابه ” سوسيولوجيا الغزل العذري ـ الشعر العربي نموذجا، ونظرا مَا يتضمنه النص المنشور فِي الكتاب المدرسي من أخطاء،أحدثت لبسا كَبِيرًا عَلَى مَا يتناوله من قضايا معرفية، فإننا نعيد نقل النص عَلَى الشكل التَّالِي:
وَإِذَا تركنا جانبا مشكل التسلسل الزمني للموضوعات (…) واقتصرنا عَلَى الموضوعات الأساسية، سنميل إِلَى القول أن الفخر يمثل الغرض الشعري الأول، و كَانَ المراد من الفخر إشهار المرء لمناقبه المستمدة من الصورة الَّتِي أنشئت و طوِّت جمعيا حول دور الفرد وسط الجماعة، وليست المفاخر والمزايا المذكورة فِي الأشعار “صحيحة ” بالضرورة، و من ثُمَّ لَا ينبغي لَهَا أن تحجب حقيقة مختلفة، أكثر غنى وتنوعا. فالنقائض المتبادلة بَيْنَ الثلاثي الشهير: جرير والأخطل والفرزدق لَمْ تكن تَهْدِفُ إِلَى أَنَّ يكذب أحدهما الآخرين بقدر مَا كَانَت تسعى إِلَى التباري فِي المبالغة، بِحَيْثُ يصبح الفخر تمرينا كلاميا يَتَجَلَّى فِي الذهاب إِلَى أبعد مَا يمكن وراء الواقع المتجانس ” نظريا ” أن يتم تجاوزه بحمية الطموح، و هَكَذَا يصبح الفخر فِي النهاية، نوعا من التحويل بالقوة، إبداعا، وَلَكِن لَا بالمعنى الصوري للكلمة، و غَالِبًا مَا يقال إن الفخر يصدر عَنْ إلهام فرداني، و يَتَعَلَّقُ ب”سيكولوجية فردية” مَا، فِي حين أن العكس هُوَ الصحيح: إِذْ أن الشاعر فِي تعبيره عَنْ نفسه بكلمة ” أنا ” لَا يزيد عَلَى أَنَّهُ يرسم توجهات وعي جمعي لَا يعرف دوما، حدوده. كَمَا أن جمهوره ليس هُوَ القبيلة عَلَى وجه التحديد ( حَتَّى و إن قَالَ الشاعر ذَلِكَ )، و إنما هُوَ كل وعي يمكنه التعبير أن يتأثر بالرسالة الشعرية
إن هَذَا النص بعد قراءته بتمعن يتبيت أَنَّهُ يناقش أهمية غرض الفخر فِي الشعر العربي وفق نسق متدرج انتقل فِيهِ الكاتب من مقدمة حدد فِيهَا القضية الأساس، ثُمَّ انتقل فِي العرض إِلَى مناقشة مَا تثيره القضية من أفكار تتعلق بإبراز الجانب الإبداعي لغرض الفخر، ونفي الطابع الأخلاقي لما ورد فِيهِ من مبالغة فِي الوصف، لينتهي الكاتب فِي الأَخِير إِلَى خلاصة مفادها أن الفخر وإن كَانَ تعبيرا عَنْ الذات فهو مؤطر بوعي جمعي ساهم فِي وضع أسسه وقيمخ
وبالنظر إِلَى الطريقة الَّتِي بنى بِهَا الكاتب موضوعه نجد أَنَّهَا طريقة استنباطية، حَيْتُ انطلق من القضية الَّتِي يناقشها بطريقة مجملة وَهِيَ اعتباره الفخر الغرض الشعري الأول ، ثُمَّ انتقل إِلَى مَا يترتب عَنْ القضية من نتائج عَلَى مُسْتَوَى القول الشعري وَعَلَى مُسْتَوَى مَدَى تعبيره عَنْ الذات والجماعة.
أَمَّا عَلَى المُسْتَوَى الحجاجي فقد استعان الكاتب بعدة أساليب حجاجية كتعريف غرض الفخر ( وَكَانَ المراد من الفخر إشهار المرء لمناقبه المستمدة من الصورة الَّتِي أنشئت وطورت جمعيا ) وكَذَلِكَ إعطاء مثال بأشعار النقائض المتبادلة بَيْنَ جرير والأخطل والفرزدق حَيْتُ كَانَ كل منهما يباري الآخر فِي مجال الافتخار بنفسه وهجو خصمه، إِذْ استخص من هَذَا المثال أن النقائض لَمْ تقم عَلَى أساس أخلاقي، بَلْ هدفت إِلَى إبراز القدرة عَلَى المنافسة اللغوية، وَقَد دعم الكاتب هَذِهِ الأساليب الحجاجية بمجموعة من الروابط الَّتِي كَانَ لَهَا دور تنظيمي فَضْلًا عَنْ أدوارها الحجاجية المختلفة كالروابط الَّتِي تفيد التفسير: الفاء، بِحَيْثُ .. وَالَّتِي تفيد الاستنتاج ( وهكذا ) وتلك الَّتِي تفيد التعارض ( فِي حين أن العكس .. وَلَكِن ..)
بَعْدَ أَنْ عرضنا لمسألة تصميم موضوع بِشَكْل عام، نعرض فِيمَا يلي لِكُلِّ خطوة منهجية عَلَى حدة، بناء عَلَى الدروس الَّتِي اعتمدها كتاب الممتاز.
I. المقدمة: لننطلق فِي دراستنا لوحدة المقدمة من نص للناقد جابر عصفور ورد فِي مقالة لَهُ عنوانها ” حكمة اللذة ” ضمن كتاب ( غواية التراث ) فقد مهد الناقد فِي هَذَا النص ( الكتاب المدرسي ص 27) لقضية سيقوم بعرضها فِيمَا بعد بمقدمة عامة تتناول قضية التحول التدريجي الَّذِي حدث فِي العصر الجاهلي عِنْدَمَا تمَّ الانتقال من صورة الننموذج الأصلي للشاعر إِلَى نماذج مناقضة، فقد كَانَ يوضع الشاعر فِي مقام الحكيم الَّذِي يعتد ويعمل بكلامه ويستشهد بِهِ، إِلَى صور أُخْرَى نقيضة إِذْ لَمْ يعد الشاعر إلَّا مجرد طالب فضل ومال نظير مَا أبدعه أَوْ مَا طلب مِنْهُ أن يبدع بِشَأْنِهِ.
وبناء عَلَى قراءتنا لِهَذِهِ المقدمة يتبين أن المقدمة تطرح قضية نقدية جوهرية، دون الدخول فِي التفاصيل وعرض العوامل والأسباب حَيْتُ تبين أن النص يَتَضَمَّنُ مجموعة من القضايا الَّتِي عرض لَهَا بإيجاز فِي انتظار أن يقوم بتفصيل ذَلِكَ فِي الخطوة المنهجية الثَّـانِيَة ( العرض)
وهذه الخلاصة الَّتِي وصلنا إِلَيْهَا بخصوص المقدمة هِيَ الَّتِي تأكيدها بعد قرائتنا للنص المقترح فِي أنشطة التطبيق ( الكتاب المدرسي ص 28) ولتأكيد هَذِهِ الخلاصة ننتقل إِلَى نص لنفس الكاتب فِي ذات المرجع ( غواية التراث) وَهُوَ من مقالة تحمل عنوان ( النموذجان النقيضان )
حَيْتُ تعرض المقدمة بتكثيف کَبِير للسمات الَّتِي ميزت النموذج الأصلي للشاعر الجاهلي، سَوَاء مَا تعلق مِنْهَا بقدرته عَلَى صنع أسطورته الخَاصَّة الَّتِي يستمد سرها من حضوره المستقل، أَوْ كونه صانع معرفة الجماعة ومصدر علمها ومنبع حكمتها.
II. العرض: يعد العرض هُوَ صلب وجوهر الموضوع المناقش، وللتعرف عَلَى عناصر تصميم العرض نقوم بقراءة متأنية لنص للناقد وهب أحمد رومية مأخوذ من كتابه (شعرنا القديم والنقد الجديد) [ انظر النص فِي الكتاب المدرسي ـ ص 38]
يتبين من قراءة هَذَا النص أن الكاتب يتناول قضية أساسية تَتَمَثَلُ فِي دواعي اختياره لعنوان (رؤية الذات فِي القصيدة العربية) وإعراضه عَنْ مصطلحات أُخْرَى مشابهة فِي التراث العربي، وَذَلِكَ مَا نحدده فِي النقط التالية:
ـ اختيار الكاتب لمصطلح رؤية الذات، رغم وجود مصطلحات أُخْرَى مشابهة أعرض عَنْهَا مِنْ أَجْلِ عدة دواع وأسباب:
دواعي الإعراض عَنْ مصطلح ” المقدمات”
رَغْمَ أَنَّ الشعراء قَد خصصوا مقدمات قصائهم للتعبير عَنْ الكثير من المعاني المتعلقة بالذات، فَإِنَّ مصطلح ـ المقدمة ـ بِالنِسْبَةِ إِلَى الكاتب لَا يشير إِلَى شيء سوى كونه يشير إِلَى مكانه فِي صدور القصائد.
ـ دواعي الإعراض عَنْ مصطلح” الأغراض الشعرية”
أَمَّا المصطلح الثاني الَّذِي أعرض عَنْهُ الناقد فهو مصطلح (الأغراض الشعرية) معللا إعراضه عَنْهُ بكونه مصطلحا مباشرا لَا يعكس مَا فِي الشعر من روح وسحرية حالمة، كَمَا أَنَّهُ مصطلح يدمر الاحساس بوحدة القصيدة مَا دام أن الشاعر ينتقل عادة من غرض إِلَى غرض.
ـ دواعي الإعراض عَنْ مصطلح ” الكتابة الذاتية”
هَذَا المصطلح من منظور الناقد مصطلح أدق وأعمق من سواه، لكنه لَا يتناسب مَعَ الحضارة الشفاهية الَّتِي ميزت فترة مهمة من تَارِيخ الأدب العربي
ـ دواعي اختيار مصطلح ” رؤية الذات ”
وانتهى الكاتب بالتأكيد عَلَى اختيارلمصطلح رؤية الذات، وَهُوَ اختيار لَمْ يكن رغبة فِي التجديد أَوْ انبهار بِهِ،بَلْ كَانَ رغبة فِي الدقة وحرصا عَلَيْهَا، حَيْتُ كَانَ همه أن يؤسس نظرة جديدة إِلَى القصيدة تختلف عَنْ ضرائرها السابقات.
والخلاصة الَّتِي يمكن الانتهاء إِلَيْهَا هِيَ أن وضع تصميم لعرض موضوع منجز يقتضي قراءة الموضوع جَيِّدًا وتحديد قضيته، وتتبع عملية الانتقال من قضية جزئية إِلَى قضية جزئية أخرة
وللتأكد من اكتساب مهارة وضع تصميم لعرض موضوع ننتقل إِلَى قراءة نص لنفس الناقد ( وهب أحمد رومية) ورد فِي فصل عنوانه ( الذات السافرة) فِي نفس المرجع (شعرنا القديم والنقد الجديد) [ انظر الكتاب المدرسي ص 40] حَيْتُ يطلب مِنَّا أن نضع تصميما لعرض الموضوع بالاسترشاد بِمَا يلي:
ـ استعراض القضايا الَّتِي يتناولها عرض النص عَلَى نَحْوَ دقيق وواضح
ـ مراعاة تصميم عرض التحليل
ـ إبراز العناصر الأساسية الَّتِي تعبر عَنْ موقف الكاتب فِي النص قصد المناقشة مَعَ دعم ذَلِكَ بالأدلة والحجج المناسبة
ـ صياغة خطاطة تركيبية كاشفة عَنْ عناصر تصميم عرض الموضوع
ــــــــــــــ
الذات السافرة هِيَ الذات الَّتِي تعبر عَنْ مواقفها بصراحة، القوة بِالنِسْبَةِ إِلَيْهَا تختلط بمفهوم الحق، وَهِيَ مظهر وتجل من تجليات العصر الجاهلي ( ونموذج ذَلِكَ معلقة عمرو بن كلثوم ( ورثنا المجد )، أَمَّا الذات المقنعة فَهِيَّ لَا تعبر عَنْ مواقفها إلَّا بطريقة غير مباشرة مِنْ خِلَالِ الرموز المتعلقة بالمرأة والليل والناقة.
ــــــــــــــــــ
ولإنجاز المطالب المتعلقة بالنص يلزمنا الكشف عَنْ كون النص يتناول قضية نقدية تتعلق بكون الشاعر الجاهلي قَد عمل عَلَى تحقيق ذاته وتعميق الإحساس بِهَا مِنْ خِلَالِ ولعه بالنفي والهدم والتدبير، وَقَد تناول الناقد هَذِهِ القضية انطلاقا من مجموعة من العناصر الَّتِي تقوم عَلَيْهَا الذات السافرة أي تِلْكَ الذات الَّتِي تعبر عَنْ مواقفها بوضوح، فِي مقابل الذات المقنعة الَّتِي تتستر وراء رموز وكائنات أُخْرَى كالمرأة والليل والناقة … ويمكن تحديد بعض العناصر الَّتِي تناولها النص كالتالي:
1ـ هيمنة النفي والتدمير والهدم عَلَى الشعر الجاهلي
2- التباس مفهوم القوة بمفهوم الحق فِي العصر الجاهلي
2ـ ارتفاع قيمة القوة فِي الشعر باعتباره تعبيرا عَنْ روح العصر، وتحقيقا للذات وتعميقا للإحساس بِهَا
III. الخاتمة:
إن الخاتمة هِيَ الوحدة المنهجية الثَّـالِثَة فِي الموضوع الإنشائي، ووجودها فِي نهايته يفرض أن تنتهي إِلَى خلاصات محددة دقيقة وواضحة.
ولمعرفة عناصر بناء الخاتمة ننطلق من قراءة نص نقدي للكاتب محمود الجادر (الممتاز فِي اللغة العربية ص 51) وَهُوَ مأخوذ من مقالة لَهُ بعنوان ” قراءة معاصرة فِي مقدمة القصيدة الجاهلية ” نشرت بمجلة أقلام العراقية ـ العدد 12 ـ السنة 14 ـ أيلول 1979، فمن خِلَالَ هَذَا النص يَبْدُو أن الكاتب قَد ناقش موضوعا يدور حول أسباب تنوع المقدمات فِي القصيدة الجاهلية، حَيْتُ أبرز أن هَذَا التنوع راجع إِلَى الشاعر نفسه، وإلى بواعث حركته النفسية، وطبيعة توجهه الإبداعي وَلَيْسَ إِلَى أي قاعدة معروفة.
أَمَّا عَلَى مُسْتَوَى تتبع عناصر هَذِهِ الخطوة المنهجية فيمكن ملاحظة الرابط الَّذِي استعمله الكاتب خِلَالَ مرحلة انتقاله من العرض إِلَى الخاتمة (يغدو من الطبيعي .. ) وَهُوَ رابط يدل عَلَى الوصول إِلَى مرحلة تَقْدِيم الخلاصات والاستنتاجات وَهُوَ يماثل روابط أُخْرَى (وخلاصة القول، انطلاقا مِمَّا تقدم نستنتج… )
عَلَى أن خاتمة الموضوع تقتضي أيضًا إبداء الرأي الشخصي أَوْ بعض الملاحظات حول القضايا المطروحة من قبيل القول بِأَنَّ التنوع والاختلاف اللذين وسما المقدمة الشعرية والقصيدة الجاهلية بِشَكْل عام يكشف عَنْ مَدَى حرية الإبداع المتاحة للشاعر وقدرته عَلَى التعبير عَنْ نوازعه واستيهاماته، أَوْ القول بِأَنَّ تنوع المقدمات والأغراض الفنية فِي القصيدة الجاهلية قَد ساهم فِي إبراز الخصوصيات الشعرية وتحقيق الفرادة الإبداعية لِكُلِّ شاعر عَلَى نَحْوَ يؤكد عفوية التعبير وصدقه الفني.
ويمكن أن تنتهي معالجتنا لخاتمة الموضوع بطرح إشكالية عامة، قَد تكون مثلا متعلقة بربط المقدمات الشعرية فِي القصيدة الجاهلية بمختلف التحولات الحضارية والفنية الَّتِي عرفها الشعر العربي فِي العصور اللاحقة.
وخلاصة لما تناول تناوله سابقا نتستنج أن الخاتمة تتضمن ملخصا مركبا لما تمَّ تناوله فِي الموضوع الإنشائي، وفتح أفق جديد للمناقشة وتعميم الإشكالات الَّتِي يطرحها نص الموضوع ضمن إشكالية عامة.
ولتثبيت المكتسبات نقوم بدراسة خاتمة موضوع انطلاقا من نص للناقد صلاح عبد الصبور مقتطف من كتابة ” قراءة جديدة لشعرنا القديم ” ورد فِي فصل من الكتاب يحمل عنوان ” بَيْنَ المهانة والتمرد ”
حَيْتُ ذيل هَذَا النص الَّذِي عرضه الكتاب المدرسي ( ص 52) بمجموعة من المطالب وَهِيَ:
ـ اقرأ الموضوع قراءة متفحصة مركزا عَلَى وضع تصميم لخاتمته انطلاقا مِمَّا يلي:
ـ خلاصة تركيبية لما ورد فِي التحليل من قضايا وإشكالات
ـ الرأي الشخصي بصدد القضايا الَّتِي يناقشها النص
ـ تعميم الإشكالات المطروحة فِي النص وتطويرها لتنفتح عَلَى إشكالية أعم.
وهذه المطالب يتطلب إنجازها مَا يلي:
يتبين أن الخاتمة تعرض للقضية المطروحة سابقا والاستنتاج الَّذِي توصل إِلَيْهِ الناقد وَالَّذِي يتمثل فِي كون الأبواب الثلاثة ( ذم الزمان، وشدود الرغبات، ووصف الخمر) كَانَت لونا من التمرد النفسي عَلَى وضع اجتماعي مهين أُلزم الشعراء بِهِ
ويمكن تَأْكِيد هَذَا الرأي الَّذِي خلص إِلَيْهِ الناقد، بالقول إن الإبداع الشعري لَهُ أبعاد نفسية تتعلق بِمَا تعرض لَهُ الشعراء من ظروف اجتماعية، غير أَنَّهُ يمكن الانفتاح عَلَى أبعاد أُخْرَى ذات طبيعة اجتماعية وإبداعية.
وَقَدْ تَمَّ الانتهاء من دروس هَذَا المحور ضمن مكون التعبير والإنشاء بنشاطين للإنتاج والتقويم (ص 59ـ 60) حَيْتُ اقترح الكتاب المدرسي، الانطلاق من أحد نصين للكاتبين عبد العزيز الكفراوي وعبد الواسع الحمراوي مِنْ أَجْلِ إنجاز تصميم للموضوع المتناول، يَتَضَمَّنُ خطوات البناء المنهجي بناء عَلَى مَا تمَّ اكتسابه من المهارات المتعقة بوضع تصميم لموضوع
عبد القادر زين الدين
عَنْ الموقع
يستفيد سنويا من منصتنا أكثر من 25 مليون زائر وزائرة من جميع الفئات العمرية .
تمَّ الحرص فِي men-gov.com عَلَى 4 توابت اساسية :
ـ جودة المضامين المنشورة وصحتها فِي الموقع
ـ سلاسة تصفح الموقع والتنظيم الجيد مِنْ أَجْلِ الحصول عَلَى المعلومة دون عناء البحث
ـ التحديث المستمر للمضامين المنشورة ومواكبة جديد التطورات الَّتِي تطرأ عَلَى المنظومة التربوية
ـ اضافة ميزات وخدمات تعليمية متجددة
لمدة 3 سنوات قدمنا اكثر من 50000 مقالة وازيد من 200 ألف مِلَفّ مِنْ أَجْلِ تطوير دائم لمنصتنا يتناسب وتطلعاتكم, والقادم أجمل إن شاء الله.
⇐ المنصة من برمجة وتطوير men-gov.com وصيانة DesertiGO
⇐ يمكنك متابعتنا عَلَى وسائل التواصل الاجتماعي ليصلك جديدنا: اضغط هُنَا
À propos du site
Chaque année, notre plateforme profite à plus de 25 millions de visiteurs de tous âges.
Sur men-gov.com, nous avons pris en charge 4 principes:
Qualité et exactitude du contenu publié sur le site
Navigation fluide du site et bonne organisation afin d’obtenir des informations sans prendre la peine de chercher
Mise à jour continue du contenu publié et se tenir au courant des nouveaux développements du système éducatif
Ajout de fonctionnalités et de services éducatifs renouvelables
Depuis 3 ans, nous avons fourni plus de 50 000 articles et plus de 00 000 fichiers pour un développement permanent de notre plateforme qui correspond à vos aspirations, et le suivant est plus beau, si Dieu le veut.
⇐ Plateforme développée par DesertiGO et maintenue par men-gov.com
⇐ Vous pouvez nous suivre sur les réseaux sociaux pour recevoir nos actualités: cliquez ici multi-positivisite