الطبيعة والنشاط الإنساني: الإنسان سيد ومالك للطبيعة

المحور الثالث: الطبيعة والنشاط الإنساني للجذع المشترك
موضوع: الإنسان سيد ومالك للطبيعة – مقرر فِي رحاب الفلسفة –
تحليل نص رونيه ديكارت René Descartes

مدخــل:
لَقَدْ شكلت الطبيعة ولازلت بِالنِسْبَةِ للإنسان ذَلِكَ المجال الحيوي الَّذِي استطاع مِنْ خِلَالِ ضمان بقاء وجوده، كَمَا أَنَّهَا هِيَ ذَلِكَ المجال الَّذِي برهن الإنسان مِنْ خِلَالِهِ عَلَى مَا لديه من أفكار وقدرات و مواهب، وَإِذَا كَانَ الإنسان هُوَ ذَلِكَ الكائن الفاعل فَإِنَّ الطبيعة تشكل مجالا لفعله، وعن طريق هَذَا الفعل يغير الإنسان الطبيعة ويحوّل أشياءها إِلَى منتوجات، وَهُوَ فِي نفس الوقت يغيّر من ذاته وَمِنْ وعيه أيضًا، لَقَدْ شكلّت الطبيعة بِالنِسْبَةِ للإنسان دائما لغزا محيّرا، فكلّمَا اعتقد أَنَّهُ تمكّن من فهمها والتوصل إِلَى قوانينها إلَّا وباغتته بأسرار جديدة وبظواهر غريبة وَكَشَفَتْ لَهُ عَنْ مَدَى قوّتها، الشيء الَّذِي دفع الإنسان إِلَى أَنَّ يكون دائما فِي حالة استنفار وَهُوَ يواجه الطبيعة، إلَّا أن هَذِهِ الأخيرة تمثل بِالنِسْبَةِ للإنسان تِلْكَ المعشوقة الَّتِي أحبّها وأغرم بجمالها ومفاتنها، من هُنَا هَذِهِ العلاقة المركبة بَيْنَ الطبيعة والإنسان.
– فأيّة علاقة بَيْنَ الإنسان والطبيعة؟
– هل هِيَ علاقة صراع ومواجهة وعداء أم هِيَ علاقة محبّة وتجانس وانسجام؟
الكفايات المستهدفة فِي المحور:
بعد قراءتنا لمحور الطبيعة والنشاط الإنساني نكون قادرين عَلَى:
– موضعة علاقة النشاط الإنساني بالطبيعة فِي إِطَارِ نقاش فلسفي.
– رسم معالم التحولات الفلسفية الَّتِي عرفها أشكال علاقة الإنسان بالطبيعة.
– فتح الإشكال الفلسفي عَلَى قضايا بيئة راهنة.
إشكالية المحور:
مَا هِيَ علاقة الَّتِي يقيمها الإنسان مَعَ الطبيعة؟
مَا هِيَ خصائص النشاط الإنساني فِي الطبيعة؟

التعريف بصاحب النص:
رونيه ديكارت (1596-1650) فيلسوف وعالم رياضيات وفيزيائي ومثقف موسوعي فرنسي، يُعتبَر مؤسِّس الرياضيات الحديثة، إِذْ قَامَ بتبسيط الكتابة الرياضية وأسَّس الهندسة الديكارتية الَّتِي تَتِمُّ بِهَا دراسةُ الأشكال الهندسية ضمن نظام إحداثيات يدمج بَيْنَ الهندسة المستوية والجبر، وَفِي الفيزياء استخرج قوانين انتثار الضوء واكتشف مفهوم العمل، وَقَد وضع بفيزيائه الميكانيكية ونظريته فِي الحيوانات–الآلات أسُس العلم الحديث، يُعتبَر كذلك من رواد العقلانية فِي الفلسفة الحديثة، فالكثير من الأفكار والفلسفات الغربية اللاحقة هِيَ ثمرة التفاعل مَعَ كتاباته الَّتِي دُرِّست وتدرَّس من أيامه حَتَّى يومنا هَذَا، لذلك يُعد ديكارت أحد المفكرين الغربيين الأساسيين وأحد مفاتيح فهمنا للثورة العلمية والحضارة الحديث، لَهُ عدة مؤلفات: ” تأملات ميتافيزيقية”، و” رسالة فِي أهواء النفس”، و”تأملات فِي الفلسفة الأُوْلَى” …
البنية المفاهمية:
أ – الفلسفة التأملية: هِيَ الفلسفة الَّتِي كَانَت تدرس فِي المدارس فِي عصره وَالَّتِي كَانَ يغلب عَلَيْهَا فِي نظره اللفظية والتلقين واعتبرها من ثُمَّ فلسفة عقيمة لأنها كَانَت تهتم فِي العلم فَقَطْ بمعرفة معاني الأشياء الطبيعية.
ب – الفلسفة العملية: إِنَّهَا فلسفة تهتم بخصائص الأجسام المادية والطبيعية واستعمال أدوات ووسائل لِتَحْقِيقِ ذَلِكَ، وَلَيْسَ اعتمادا عَلَى الوصف والكلام فَقَطْ، وعن طرقها سَيَتِمُ الوصول فِي النهاية إِلَى السيادة عَلَى الطبيعة وتملكها.
ج – علم الطبيعة: هُوَ العلم الَّذِي يدرس الطبيعة بهدف معرفتها معرفة دقيقة، وأساس الطبيعة المادية عِنْدَ ديكارت هُوَ “الامتداد”.
بنية النص وأفكاره:
– اعتماد ديكارت عَلَى تأملاته الخَاصَّة أوصلته إِلَى إدراك قيمة العلم الطبيعي.
– ضرورة استبدال الفلسفة النظرية القائمة عَلَى اللفظية والتلقين بالفلسفة العملية.
– جعل الهدف من فهم الطبيعة هُوَ السيطرة عَلَى الطبيعة والتحكم بِهَا.
إشكالية النص:
كَيْفَ تَتِمُّ معرفة الطبيعة ؟
وما الهدف من معرفتها؟
كَيْفَ يستطيع الإنسان فرض سيادته وسيطرته عَلَى الطبيعة؟
البنية الحجاجية:
حجة الدحض: نقد الفلسفة النظرية.
إيراد التجربة الشخصية للفيلسوف.
أسلوب المقارنة بَيْنَ الفلسفة النظرية والفلسفة العملية.
حجة المثال: مثال للعلم الطبيعي الَّذِي يمكن من معرفة مَا للنار والماء والهواء …
أطروحة النص:
دعوة ديكارت إِلَى اعتماد المبادئ العامة فِي علم الطبيعة ليس مِنْ أَجْلِ أن نكون سادة ومالكين للطبيعة، وَلَكِن مِنْ أَجْلِ حفض الصحة الَّتِي هِيَ بلا ريب الخير الأول وأساس جميع الخيرات.
إشكالية النص:
كَيْفَ تَتِمُّ معرفة الطبيعة؟
وما الهدف من معرفتها؟
كَيْفَ يستطيع الإنسان فرض سيادته وسيطرته عَلَى الطبيعة؟
حجج النص:
– رغم إعجاب ديكارت بتأملاته إلَّا أَنَّهُ أقر فِي المقابل بِأَنَّ للآخرين تأملات هُوَ كذلك أشد إعجابا بِهَا
– إقرار ديكارت بِعَدَمِ إلهامه ببعض المبادئ العامة فِي علم الطبيعة
– وقوف ديكارت عِنْدَمَا تستطيع أن تحققه المبادئ العامة فِي علم الطبيعة من منافع عامة فِي الطبيعة، وَمَعَ عدم إقراره كتمان ذَلِكَ حَتَّى لَا يخل بالقانون.
– الإحاطة علما ببعض المبادئ العامة فِي علم الطبيعة لَا يساعدنا فَقَطْ مِنْ أَجْلِ أن نكون سادة ومالكين للطبيعة، وَلَكِن مِنْ أَجْلِ حفظ الصحة الَّتِي هِيَ بلا ريب الخير الأول وأساس جميع الخيرات.
استنتاج:
يرى ديكارت أن معرفة الطبيعة تَتِمُّ عَنْ طَرِيقِ إعادة إنتاج الطبيعة وَلَيْسَ فَقَطْ معرفة أسبابها وعللها والقوى الَّتِي تحتويها، كَمَا ينتقد الفلسفة المدرسة التأملية الَّتِي سيطرت عَلَى التَّعْلِيم فِي أوربا إِلَى حدود العصر الحديث لكن تبقى الغاية الَّتِي جعلها ديكارت لِهَذِهِ المعرفة الطبيعية (وَهِيَ السيطرة عَلَى الطبيعة وتملكها) مثار نقاش وجدال، لذلك انتقد العديد من الفلاسفة هَذَا الهدف وَمِنْ بينهم “ميشيل سير” الَّذِي تساءل: “إِذَا كَانَ الهدف من العلم الطبيعي هُوَ التحكم فِي الطبيعة فَهَلْ يمكن التحكم فِي تحكمنا؟”، بمعنى هل نستطيع السيطرة عَلَى العنف البشري الَّذِي دمر الطبيعة بدعوى السيطرة عَلَيْهَا؟، إِنَّهَا فكرة خطيرة هيمنت عَلَى الحضارة الغربية مُنْذُ ديكارت وَكَانَت لَهَا أثار سلبية عَلَى الطبيعة وَعَلَى الوجود.
أسئلة الفهم (ص 94):
– موقف ديكارت من الفلسفة التأملية هُوَ أَنَّهُ يَدْعُو إِلَى: البحث عَنْ بديل لَهَا التعليل: ‘وَمِنْ أَنَّهُ يُمْكِنُنَا أن نجد, بدلا…….الَّتِي تعلم فِي المدارس، فلسفة عملية”.
– لَقَدْ كَانَ لزاما عَلَى ديكارت الإفصاح عَنْ مبادئ العلم الطبيعي لأنه يحقق فائدة للإنسان، فالتجارب أبانت عَنْ مَدَى مَا يمكن أن تجلبه مبادئ هَذَا العلم من منافع عظيمة للإنسان فِي الحياة.
– يحدد النص العلم الطبيعي كعلم يقدم قوانين تفسيرية للطبيعة تسمح للإنسان بالسيطرة عَلَيْهَا، هَكَذَا قَالَ ديكارت بِأَنَّ الفلسفة العملية الناتجة عَنْ العلم الطبيعي تمكننا من معرفة الأجسام الَّتِي تحيط بنا كالنار والماء والهواء، كَمَا تجعلنا سادة عَلَى الطبيعة ومالكين لَهَا.
– مَا نفهمه من عبارة ديكارت هُوَ أن العلم الطبيعي يمكن الإنسان من معرفة القوانين المتحكمة فِي الظواهر الطبيعية، وَهُوَ مَا يمكنه من السيطرة عَلَيْهَا وتسخيرها لخدمة أغراضه ومصالحه فِي الحياة.

.

عَنْ الموقع

ان www.men-gov.com مِنَصَّة مُسْتَقِلَّة شاملة وحديثة تواكب كل مواضيع التدريس والتوجيه وَالتَعْلِيم وَكَذَا اعلانات الوظائف بالمغرب,وَتَضَمَّنَ كذلك مجموعة من الخدمات والوسائل التعليمية التربوية الَّتِي تبسط وتشرح الأشياء الَّتِي يحتاجها التلميذ والطالب و الأستاذ والمدير والباحث عَنْ فرص الشغل سَوَاء كت تابعة لمؤسسات الدولة اوغير تابعة لَهَا ، وَتَجْدُرُ الاشارة إِلَى ان هَذِهِ المنصة لَا تمت باي صلة لِوِزَارَةِ التربية الوَطَنِية والتَّكْوين المهني وَالبَحْث العلمي واي مؤسسة وطنية اخرى.
يستفيد سنويا من منصتنا أكثر من 25 مليون زائر وزائرة من جميع الفئات العمرية .
تمَّ الحرص فِي men-gov.com عَلَى 4 توابت اساسية :
ـ جودة المضامين المنشورة وصحتها فِي الموقع
ـ سلاسة تصفح الموقع والتنظيم الجيد مِنْ أَجْلِ الحصول عَلَى المعلومة دون عناء البحث
ـ التحديث المستمر للمضامين المنشورة ومواكبة جديد التطورات الَّتِي تطرأ عَلَى المنظومة التربوية
ـ اضافة ميزات وخدمات تعليمية متجددة
لمدة 3 سنوات قدمنا اكثر من 50000 مقالة وازيد من 200 ألف مِلَفّ مِنْ أَجْلِ تطوير دائم لمنصتنا يتناسب وتطلعاتكم, والقادم أجمل إن شاء الله.
⇐ المنصة من برمجة وتطوير men-gov.com وصيانة DesertiGO
⇐ يمكنك متابعتنا عَلَى وسائل التواصل الاجتماعي ليصلك جديدنا: اضغط هُنَا

À propos du site

men-gov.com est une plate-forme indépendante complète et moderne qui suit le rythme de tous les sujets d’enseignement, d’orientation et d’éducation, ainsi que des offres d’emploi au Maroc, et comprend également un ensemble de services et de méthodes éducatives qui simplifient et expliquent les choses qui répondent aux besoins de l’étudiant, du professeur, du directeur et du chercheur d’emploi, privé ou public, Il est à noter que cette plateforme n’est pas reliée au ministère de l’Éducation nationale, et de la Formation professionnelle et de la Recherche scientifique, et à tout autre institution.
Chaque année, notre plateforme profite à plus de 25 millions de visiteurs de tous âges.
Sur men-gov.com, nous avons pris en charge 4 principes:
Qualité et exactitude du contenu publié sur le site
Navigation fluide du site et bonne organisation afin d’obtenir des informations sans prendre la peine de chercher
Mise à jour continue du contenu publié et se tenir au courant des nouveaux développements du système éducatif
Ajout de fonctionnalités et de services éducatifs renouvelables
Depuis 3 ans, nous avons fourni plus de 50 000 articles et plus de 00 000 fichiers pour un développement permanent de notre plateforme qui correspond à vos aspirations, et le suivant est plus beau, si Dieu le veut.
⇐ Plateforme développée par DesertiGO et maintenue par men-gov.com
⇐ Vous pouvez nous suivre sur les réseaux sociaux pour recevoir nos actualités: cliquez ici multi-positivisite

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *